* «الأباتشي» تمهد طريق «التحالف» نحو معقل الحوثيين في صعدة * 36 شهيداً قدمهم قطاع ظهران الجنوب فداءً للوطن * تسابق في ميادين الشرف لردع الميليشيات الحوثية الإيرانية تنفذ القوات السعودية المشتركة بدعم من «الأباتشي» وطيران التحالف عمليات نوعية على مواقع الميليشيات الحوثية الإيرانية المحاذية لمحافظة صعدة (معقل الحوثيين)، وتحديداً في مندبة التي تعتبر مركز مديرية باقم الحدودية، التي يشكل سقوطها وتطهيرها من الميليشيات، تمهيداً للطريق وبنسبة كبيرة نحو محافظة صعدة. وأمام هذه النجاحات التي تحققها القوات السعودية، والجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية على طول الحدود المحاذية لمحافظة صعدة، وجبال مرّان، وبعض المديريات الأخرى الواقعة على الحدود، وبطبيعتها الجبلية، جالت «عكاظ»، في كثير من المواقع، وأطلّت مباشرة على «مندبة»، ورصدت تضحيات الأبطال الذين يتصدون لقادة وأفراد الميليشيات، ويلقنونهم أقسى الدروس؛ ما تسبب في تقهقرهم وتراجعهم في انكسارات غير مسبوقة، تبرهن حالة الوهن التي وصلت إليها. زرنا الحدود السعودية اليمنية المحاذية لمنطقة عسير، مدفوعين بانتصارات مشرفة حققها ويحققها أبطال جميع القوات العسكرية، على الميليشيات الحوثية الإيرانية، التي تمزقت وضعفت بفضل الضربات الساحقة، التي تتلقاها من قوات الشرعية اليمنية، مدعومة من قوات التحالف العربي بقيادة المملكة، بل ووصل الحال بها من التشرذم إلى استسلام مذل في بعض الجبهات الحدودية القريبة من محافظة صعدة، التي تعتبر المعقل الرئيسي للميليشيات الانقلابية. ورغم أن النقاط التابعة لحرس الحدود، التي تم الاتفاق على زيارتها تقع على خطوط المواجهة المباشرة مع الميليشيات الحوثية الإيرانية، إلا أننا لم نشعر بالخوف، في ظل الشجاعة التي يتمتع بها المرابطون على الحدود، وتسابقهم لتقديم أرواحهم رخيصة في سبيل الدفاع عن الحرمين الشريفين، وكل ذرة من تراب الوطن، والتضحية من أجل حفظ أمنه، والعمل على استقراره. كان لا بد أن ننطلق في مهمتنا من قطاع حرس الحدود بمحافظة ظهران الجنوب، إذ استقبلنا قائد القطاع العقيد ناصر بن عبدالله القحطاني الذي وجه بتسهيل مهمتنا، وتقديم المعلومات التي تتناسب مع طبيعة عملنا، مؤكداً الحرص على تجنب المواقع التي تشكل خطراً على حياتنا. الانطلاق إلى النقاط الحدودية أصر النقيب عبدالرحمن جابر العسيري الذي كلّف بمرافقتنا في الجولة، على أن أرتدي وزميلي المصور «الخوذة» والسترة الواقية من الرصاص، وأخذنا إلى مكتبه لاستكمال متطلبات المهمة. وقال: «سنتجه إلى نقاط رقابة مطلة على مواقع العدو، وعلينا أن نكون حذرين في تحركاتنا، وعليكم أن تنفذوا التعليمات بدقة حرصاً على سلامة الجميع». وأضاف: «التقاط الصور يكون باتجاه العمق السعودي، حتى لا نعطي العدو فرصة تحديد مواقعنا». اتفقنا على الترتيبات بعد أن أخذنا جميع الاحتياطات اللازمة لمثل هذه المهمة، وما إن ركبنا السيارة المصفحة حتى بادرنا سائقها بالقول: «توكلوا على الله فهذه العصابات الإرهابية لا تخيفنا، فو الله إنها أجبن مما تتوقعون، وأضعف مما يصورها إعلامهم الكاذب». كلمات حماسية نسمعها من كل ضابط أو فرد نلتقيه في قطاع حرس الحدود بظهران الجنوب، كانت هي الوقود الحقيقي لمسيرنا وسط الجبال الوعرة، من خلال طرق صعبة، تجعل مركبتنا تسير ببطء، ما مكننا من مشاهدة الأبطال، وهم يتمترسون في مواقعهم بكل شجاعة، غير آبهين بمصير ينتظرهم، أو بما يخبئه لهم القدر، لا هم لهم إلا الدفاع عن وطنهم من خلال دحر عدو لا يريد الخير لجيرانه، مدعوماً من إيران المارقة بأجنداتها الخبيثة، التي من أهم ما فيها زرع حزب إرهابي على الحدود مع المملكة. كاميرا «عكاظ» و«مندبة» في إحدى نقاط المراقبة فاجأنا أحد أبطال حرس الحدود وهو يشير إلى أننا أمام مندبة اليمنية، التي نعلم قبل زيارتنا للحدود، أنها شهدت مواجهات شرسة بين قوات الشرعية اليمنية مدعومة بقوات من التحالف، والميليشيات الحوثية التي كانت تسيطر عليها. قال البطل: «مندبة محررة، وتم طرد الميليشيات الإيرانية منها، وأصبحت في قبضة الشرعية اليمنية». سألته ولكنكم الآن في مكان خطير جدّاً. قال: «كل من يرابطون على الحدود هم في مواقع خطيرة، لكنهم يشعرون بالأمان، وهم يؤدون واجبهم تجاه الحرمين والوطن والمواطن. ويؤكد وكيل الرقيب علي عبدالرحمن القحطاني، أنهم صامدون على الحد الجنوبي، ويطمئن الشعب السعودي، بأن العدو مدحور، بفضل من الله ثم بدعم القيادة الرشيدة، التي لم تأل جهدا في سبيل تسليحهم، وتوفير كامل حاجاتهم. وبالروح والمعنويات العالية ذاتها قال العريف عيسى العلياني: «معنويات كل من يرابطون على الحدود مرتفعة، خصوصا في ظل الانتصارات المتتالية على الميليشيات الحوثية، وتكبيدهم خسائر في الأرواح والمعدات». مشيراً إلى أن المملكة على حق والعدو على باطل، وأنهم لن يلتفتوا لما يروجه إعلام الميليشيات من أكاذيب. ويضيف زميلهما محمد حمد القحطاني: «من على حدود الشرف والكرامة نبعث لخادم الحرمين الشريفين وولي العهد فخرنا واعتزازنا بكل ما يبذلانه من أجل رفعة الوطن وحفظ أمنه واستقراره، ونعاهدهما أننا على العهد صامدون في وجه كل من تسول له نفسه الاعتداء على شبر من أراضينا، إلى أن تتطهر الأراضي اليمنية من الوجود الإيراني». من جانبه، قال العريف علي إبراهيم عسيري مخاطباً الشعب السعودي: «اهنأوا بالأمن والأمان بفضل من الله ثم بفضل مجهودات خادم الحرمين الشريفين ودعمه لكافة القوات العسكرية التي أسهمت في التسليح النوعي والتجهيز الحديث للرجال المرابطين على الحدود». غداء مع الأبطال وأثناء زياراتنا للنقاط الحدودية، وسط معنويات عالية لأبطال الحدود، توقفنا للسلام على أفراد فرقة عائدين من مهماتهم، بعد تسليمها لفرقة أخرى، وجدناهم يعدون وجبة الغداء، وشاركناهم في تجهيزها، وأصروا على تناولها معهم، وسط أجواء حميمية، وصفها أحدهم بأنها أكثر من أخوية. وقال: «أنا هنا بعيد عن أهلي وعشيرتي، لذلك كل من هم على الحدود بمثابة أهلي». وأضاف: «يشهد الله أننا نفدي بعضنا دفاعاً عن الوطن، بل ونتبادل التهاني، ونحن ننكل بالميليشيات الحوثية، التي عاثت في اليمن فساداً». 36 شهيداً ولمعرفة تفاصيل قطاع حرس الحدود بظهران الجنوب التابع لمنطقة عسير، توجهنا لقائد القطاع العقيد ناصر بن عبدالله القحطاني، الذي أوضح أن طول القطاع 82 كيلومتراً، يبدأ من رقابة حسنة الواقعة شرقاً من جهة قطاع سقام التابع لمنطقة نجران، وينتهي غرباً من الربوعة مع حدود قطاع الدائر التابع لمنطقة جازان. مبيناً وجود ما يقارب 37 رقابة، كانت مهماتها قبل عاصفة الحزم منع التسلل والتهريب للداخل أو الخارج، والإنذار المبكر عن أي تحركات مشبوهة على الحدود، إضافة إلى مساندة الأجهزة الأمنية في ما يحتاجونه بالتعاون مع القوات المسلحة لما يخدم الجانب الأمني. وقال: «أما بعد العاصفة فأصبحنا نعمل جنباً إلى جنبٍ مع القوات البرية، الذين يساندون في المهمة من بداية عاصفة الحزم وحتى اليوم». كاشفاً عن أن قطاع ظهران الجنوب قدّم 36 شهيداً. مؤكداً أن الروح المعنوية عالية جدّاً، وكل يوم يزيد إصرار جنودنا على منع ودحر العدو على الشريط الحدودي. وأضاف: القيادة لم تترك شيئاً إلا ووفرته من أسلحة وأنظمة تقنية متقدمة، ونحن نخوض الحرب في الخطوط الأمامية وكأننا في السهل، لأن المعنويات مرتفعة، والجميع يتشرفون بمشاركتهم في الدفاع عن أمن الوطن والمواطن، خصوصاً أن الله شرف المملكة كونها قبلة المسلمين، وتحتضن المقدسات في مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وهذا بفضل من الله سبحانه وتعالى، ونحن نذود عن عقيدة صحيحة وعن دين ووطن وقيادة ممثلة في الملك الإنسان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ملك العزم والحزم، الذي يحكّم شرع الله ويحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويوصي دائماً بتقديم أفضل التسهيلات للحجاج والمعتمرين والزوار في كافة المواقع التي تستهدفها الميليشيات الحوثية بصواريخها الباليستية. العقيد العريعر: لن أنسى «سبابة» الشهيد و«قبلة» أمه أكد العقيد صالح بن سعد العريعر مدير التموين بقطاع حرس الحدود بظهران الجنوب، أن معنويات الضباط والأفراد مرتفعة وجميعهم يسطرون أروع الأمثلة في مواجهة العدو بمختلف المواقع، لافتا إلى أن من يصابون أثناء المواجهات يرفضون تلقي الإسعافات ويطالبون بعلاج زملائهم أولا، في مواقف يندر حدوثها. وقال: عندما نستقبل المصابين في المستشفى وهم في حالة إغماء، يكون سؤالهم بمجرد أن يفيقوا: «كيف هو حال زملائي في الميدان». وأضاف العريعر أن المواطنين يضربون أروع أمثلة التعاضد والتكاتف والتعاون من خلال تواصلهم مع الأجهزة الأمنية والتبليغ عن الحالات التي تدعو للحيطة والحذر، مؤكدا أن معادن الرجال تظهر عند الشدائد. وأضاف: «كنت مكلفا بإبلاغ المواطنين بمن يستشهد من أبنائهم، فوجدتهم أكثر سعادة، وهم يرددون أنهم وما يملكون فداء للوطن، بل ويؤكدون أن لديهم أبناء آخرين يتمنون أن يكونوا شهداء في ميادين الشرف». وأشار إلى أن والد أحد الشهداء قبّل ابنه في ثلاجة الموتى بمستشفى ظهران الجنوب، وكان الشهيد رافعا «سبابته»، وحاول الدكتور إعادتها إلى وضعها الطبيعي، إلا أنها في كل مرة تعود إلى ما كانت عليه، وحضرت أم الشهيد تودعه أثناء عملية غسله، «فو الله ما رأيت مثل أسر الشهداء صبرا واحتسابا، وهم ينهون إجراء استلام الجثامين». وطمأن العقيد العريعر الشعب السعودي بأن الوطن في أيد أمينة، وبإذن الله النصر يلوح، وقريبا جدا يتحقق ما أراده خادم الحرمين الشريفين وولي العهد.