هل تكون قناة سلوى البحرية التي راجت أنباء عن البدء في إقامتها خلال الفترة المقبلة على حدود المملكة مع دويلة قطر بمثابة «اللطمة الأخيرة» لنظام الحمدين؟ قفز السؤال إلى أذهان الكثيرين -وأنا منهم- في الأيام الماضية بعد حالة الرعب التي أصابت حكام الدويلة، وبعد التحول الكبير في تصريحاتهم والحديث عن «الشقيقة الكبرى» التي لا يمكن أن تضر ببلد صغير لا تتجاوز مساحتها أحد أحياء الرياض، أو نصف مشروع الطاقة الشمسية الذي تنوي المملكة إنجازه في السنوات المقبلة، وربما يكون هذا التغير الشامل، جعلنا أكثر شغفاً بأن تتحول «سلوى» إلى واقع حتى يعرفوا حجمهم الطبيعي، وينشغلوا بجزيرتهم المائية بعيداً عن التخطيط لأعمال التجريب والتدمير في المنطقة وزرع الفتن في شتى بقاع المعمورة. المثير للدهشة أن حكام الدويلة يظنون أن الهرولة باتجاه الولاياتالمتحدة والاستغاثة بالرئيس رونالد ترامب يمكن أن تساهم بفك العزلة التي فرضوها على أنفسهم، رغم أن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش كررها مراراً، مؤكداً أنه لا يوجد اختراق في أزمة قطر بعد زيارة أميرها العادية إلى الولاياتالمتحدة، وأن حلّ الأزمة بوابته الرياض وسيتم بجهود خليجية ويشمل مصر، وإطاره السياسي المبادئ والمطالب.. بإجماع الدول الأربع. أعود إلى فكرة قناة «سلوى» التي تعتبر في رأيي مشروعا إستراتيجيا مهما، له أبعاد اقتصادية كبيرة، فعلاوة على إسهامها الكبير في التنشيط السياحي بين دول الخليج، ستزيد من التجارة البينية مع المملكة والإمارات كدولتين رئيسيتين في المنطقة تجمعهما علاقات خاصة ومصالح مشتركة، بل سيكون لها مردود كبير يدعم رؤية 2030 ويسمح بفتح منافذ جديدة للمنتج السعودي. الأروع أن القناة، التي تصل بين منفذ سلوى وحتى «خور العديد» بطول يصل إلى 60 كلم وعرض 200م، سيجري تنفيذها في فترة زمنية وجيزة لا تزيد على 12 شهرا فقط، بل إن نفس الشركات العملاقة التي أنجزت قناة السويس هي التي ستشارك في الحفر مستندة إلى سجل مشرف في هذا المجال، وأبهرت التجربة المصرية في حفر قناة السويس الجديدة العالم وفقًا للتقارير الخارجية، سواء من حيث التخطيط والتصميم والتجهيزات أو الدقة والحرفية وسرعة إنجاز أعمال الحفر والإنشاءات المختلفة. الهدف الإستراتيجي الأهم للقناة البحرية المنتظرة هو «الأمن»، حيث سيساهم في تحجيم الدويلة وإسقاط المخططات التي يحيكها النظام ليل نهار لنشر الإرهاب بالمنطقة، بعد أن تحولت إلى الذراع الرئيسية للمد الإيراني، وصارت الحليف الأكبر له في منطقة عاشت سنوات طويلة تشعر بالهدوء والاستقرار. لا أتصور أن عزل الدويلة عن العالم وتحويلها إلى «بيت مهجور» يعوم وسط المياه أمر يشغل قادتنا، فقضيتهم كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مرات عديدة «صغيرة جداً»، وملفهم لا يستحق أن يتداوله مسؤول كبير، لكننا نبحث عن مصالحنا، ولا يستطيع أحد في العالم أن ينازعنا في ذلك. باختصار شديد: احفروا القناة.. وفكونا من شرهم!