ندعي بأننا على معرفة بتفاصيل ما يدور في داخل الأندية، وتزعم الجماهير معنا بأنها ترى المشهد كاملا، إلا أن الجماهير ونحن الإعلاميين نظل بعيدا عن الحقيقة، فداخل كواليس الأندية قصص أخرى غير التي نتلوها كل صباح. وما يتسرب إلى الخارج غيض من فيض، وليس بالضرورة أن كل ما نسمع يكون صحيحا. أقول ذلك لأن قصة الحوار الذي أجريته مع رئيس نادي الأهلي الأمير تركي الفيصل منذ لحظات التنسيق إلى أن نشر على صفحات «عكاظ» الأسبوع الماضي، كانت تكشف في جميع مراحلها حقيقة غير تلك التي تغرد بها الجماهير، وتدعي بيقينها. حتى تلك التي كانت ترد على تفاصيل اللقاء. وفي مجمل الردود، أن الرئيس بعيد عن قلعة الأهلي، وكأنه قبل بالمهمة لتمضية الوقت لا أكثر، أو لأنه أراد خطف أضواء اشتاق إليها كثيرا. والمدهش في الأمر أن الرجل يعرف بكل ما يقال عنه عبر الإعلام أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويا ليت «المجانين» بحب الأهلي يعرفون، فاللقاء لم يتم بالسرعة التي كنت أرجوها فقد انتظرت كثيرا إلى أن سنحت الفرصة، وكل ذلك لأنه «غرقان» في يوميات النادي، وحتى في اليوم الذي التقيته انتظرت طويلا إلى أن ينتهي من تمارين الفريق الأول. تدرجت بالأسئلة خوفا من رفضه لمضامينها، وكلما صعدت من حدة الأسئلة وجدت أمامي من يجيب بصراحة متناهية، وفي أوقات كان يقول، «أزيدك من الشعر بيتا»، ويستمر في صراحته. أجاب على كل أسئلتنا بالأرقام والتواريخ، فالرجل كان ملما بكل ما يجري. وأنا الذي كنت مكفنا بآراء جماهيرية تؤكد بعده عن النادي. إلى أن نقلت له انطباعهم؛ انطباعا يتهمه «بالنوم في العسل»، فزادني بما لا أعرف، وقالها بصراحة، منذ اليوم الأول له في النادي طلب من الجميع العمل بما يتفق مع المصلحة، وسيكون هو «المصدة»، لهم التنفيذ وعليه الانتقاد. متقبلا كل ما يقال عنه بصدر رحب على أن يهيئ للجميع العمل في أجواء صحية. ما أنقله اليوم لن يكون للأمير تركي، لكني أكتب اليوم للتاريخ فقط، فالرجل قبل بالمهمة في الفترة الأصعب، ويقودها رغم أن العربة كانت في مقدمة الحصان، أكتب والأهلي على أعتاب منصة الدوري، فسلطة الجماهير الأهلاوية لا تضاهيها سلطة، وغضبهم خوف يسكن كل من يجلس على كرسي الرئاسة، حتى بات المترددون يهربون من صيحة الغضب، وكأن كل صيحة عليهم. السطوة الجماهيرية قد تنعكس سلبا على كل إدارة تقبل بالمهمة، فكلكم مسؤول كما هي الإدارة مسؤولة، قد ترحل البطولة في أدراج المنافسين وقد يخرج الأهلي بلا شيء، لكن المهم هو أن يعرف كل مشجع بأن صوته له صدى في الأهلي يؤثر على هدوء الكيان، فكن على قدر هذه الهيبة. وتأكد بأن كل من يتربع على كرسي رئاسة الأهلي يضع للمشجع الأهلاوي حسابا. اعتل مدرج المجانين اليوم وشجع بقوة، وقابل جهد الرجل الوقور بالشكر، فهو الأشجع بين من قدموا. ولنا في مشجعي بعض الأندية مثال، فبرغم الظروف التي أنتابت أنديتهم يؤازرون، ويتسامحون، وينظرون للمستقبل بتفاؤل، وسيجنون ثمار ذلك التعاون.