وأنا أسير نحو النادي الأهلي بعد موافقة رئيسه الأمير تركي بن محمد العبدالله الفيصل على لقاء «عكاظ»، كنت محملاً بالكثير من هواجس «المجانين» وطموحاتهم وأسئلتهم، وشكوكهم التي يثيرونها بين وقت وآخر عن تهميش الإدارة الحالية لتاريخ الرمز الأمير خالد بن عبدالله، إلى أن تجولت في ممرات النادي وشاهدت بدهشة صور الرمز تملأ المكان. حتى الحجرة التي انتظرت فيها الرئيس حينما كان منشغلاً بمتابعة تمارين الفريق، كانت تحمل صورة كبيرة في واجهة المكان. حرضتني الصور على أن يكون الحديث عن الرمز مفتاح الحوار الذي اتسم ببساطة وصراحة تشبه شخصية ضيفنا الذي لم يمتنع عن الإجابة عن أي سؤال طرحته على طاولة الحوار، بل كان مبادراً لكثير من القضايا، ومتحدثاً عنها بكل وضوح وشفافية. وإليكم تفاصيل اللقاء: • تتحدث الجماهير عن نكران الأهلي لتضحيات الرمز الأمير خالد بن عبدالله، وما أراه الآن صور الرمز في كل زاوية، لماذا يحمل الجمهور تلك الصورة القاتمة؟ •• الجمهور لا يعرف أشياء كثيرة عن ذلك، فأنا في البداية وضعت الرمز في كل خطوة كنت أخطوها، واستشيره في كثير من القضايا، إلى أن طلب مني التوقف عن ذلك وقال، «أنت المسؤول عن النادي». وقلت له: «لكن طال عمرك أنت رمزنا ولازم أضعك في الصورة» فأجابني: «أنت أهل للمسؤولية وما تقررونه أنا معكم، لا ترجعوا لي». الجمهور له الظاهر. وعلاقتي بالأمير خالد من قديم وهو من رشحني لرئاسة أعضاء الشرف وألح عليّ، فهو كبيرنا. وعلاقتي بالجميع ممتازة سواءً الأمير خالد أو ابنه الأمير فيصل، أو الأمير فهد بن خالد. وحاولت خلال الفترة الماضية أن أعيد المبتعدين عن النادي وحتى اللاعبين القدامى. فلا شيء من تلك الأقاويل صحيح. • قبلت بإدارة النادي في مرحلة حرجة، ألم تعتقد أنها مهمة صعبة؟ •• كنت أعرف صعوبة المرحلة، وهذا الذي دفعني لقبول التكليف؛ لأني كنت على يقين بأن المرحلة احتاجتني، وقبولي كان لعشقي للنادي، ولم أغير كثيراً في السياسات؛ لأن الوقت غير مهيأ، وكل ما تحتاجه المرحلة القليل من الترميم وشد الهمة، ولم أكن أتوقع أن ننافس على بطولات عدة، ولكن نافسنا بفضل الله، ومما ساعدني أني كشفت نيتي للجميع. • كانت الجماهير معترضة على كثير من القرارات، ولكن اعترفتْ في النهاية بصحة الكثير من تلك القرارات بعد الاستقرار الذي حُرمت منه أندية كبرى، كيف تم ذلك؟ •• الجماهير ومن هم خارج النادي لا يرون التفاصيل، وكما يقول الإنجليز «اللعنة في التفاصيل»، وأعتقد أن مرحلة التصحيح كانت في المرحلة الثانية للتسجيل التي حسنّا فيها الوضع بشكل ممتاز. • بداية الموسم كان ريبروف متخبطاً، ولكن أصررتم على بقائه، ولمس الجميع تغيراً في تشكيلته وطريقة لعبه، هل هو من أوجد التغيير أم ساهمتم في ذلك؟ •• طالما وصلنا لنهاية الموسم لا بد أن أكون صريحاً معك، الادارة في البداية نظرت في الوضع، وطرحت عدداً من البدائل، لكننا سألنا أنفسنا هل البدائل ستوجد التغيير، فقررنا أن التغيير ليس من مصلحة النادي، خصوصاً أننا عقدنا اجتماعاً خاصاً باللاعبين لم يحضره سواي وطارق كيال، ودعني أفاجئ الجمهور، فمن أصر على بقاء المدرب هم اللاعبون أنفسهم خلال اجتماعنا بهم، ففي البداية توقعنا أن نسمع منهم شكاوى لكنهم فاجأونا بإصرارهم على بقائه. وبعدها تحدثنا معه كثيراً وأقنعنا بكثير من مرئياته وأقنعناه بكثير من النقاط. وأذكر في بداية المشكلة تحدث معي ريبروف وقال لي: «إذا كانت هناك نية للتغيير فأبلغوني من الآن»، فأبلغناه برغبتنا وحملنا على عاتقنا النتائج، سواء انتقاد الإعلام والجمهور. • كان لديه قناعات بكثير من اللاعبين فمنهم من رحل، ومنهم من ظل أسير الدكة، كيف تغير الوضع؟ •• الموسم فرض عليه، والمنافسات أجبرته، فثلاث بطولات أجبرته على التغيير، وأعتقد أننا نجحنا بشكل كبير رغم التوقف والإصابات ومشاركة المنتخب. • رئيس هيئة الرياضة تحدث عن وقف الدعم في الموسم القادم، هل أنتم جاهزون لذلك؟ •• كانت التزامات النادي كبيرة جداً، فالمصروفات شهرياً تفوق الملايين الستة، وهذه فقط للدرجة الممتازة، فعملنا على خطة لتقنين المصروفات دون أن نضر بالمنافسة، وكانت صفقات الشتوية جزءاً من السياسة إذ وقعنا معهم لفترة محدودة، فلا نريد أن نحمل النادي التزامات كبيرة، وفي نهاية الموسم لدينا الخيارات في التجديد لهم. • هل هناك نية لجلب استثمارات جديدة؟ •• نعم.. حتى عندما كنت رئيس هيئة أعضاء الشرف كان لي آراء في ذلك، ولكن لم أكن مسؤولاً عنها، وكانت موكلة للجنة خاصة وتوقفت فيما بعد، والآن اطلعنا على الاستثمارات الحالية واستمرارها وبحثنا عن استثمارات جديدة، ولكني لم أركز كثيراً في هذا الملف فقد كان التركيز في الفريق، وسندرس نهاية الموسم كل الاستثمارات. • هل سنرى راعياً جديداً في تيشيرتات اللاعبين؟ •• لدينا الراعي الرئيس، وهناك رعاة آخرون طرحوا رغبتهم. • هل تعانون من قلة دعم أعضاء الشرف؟ •• أعضاء الشرف وعلى رأسهم الأمير منصور هم الداعمون الآن، ولكنَّ الأعضاء الآخرين وجدنا منهم الدعم المعنوي أكثر من الدعم المادي. • هناك شائعات في بداياتك بأنك كنت سترحل. •• أنا في فترة تكليف تنتهي في نهاية الموسم، وأعمل حالياً على عقد جمعية عمومية سنعلن من خلالها فتح الترشيحات ومستعد أن أجلس مع جميع المرشحين وأعطي الصورة كاملة للجميع. • هل لديك نية للاستمرار؟ •• أنا لم اتخذ قرار الاستمرار أو الرحيل إلى الآن، لأمور خاصة • هل ربطت استمرارك بتحقيق البطولة؟ •• لا، لم أربط الكيان الأهلاوي بأي بطولة، ولكن يوجد إلحاح من أعضاء الشرف لاستمراري. • الأهلي يستحق منك التضحية؟ •• الأهلي بيتي، فأنا في النادي أكثر من 40 عاماً، وكثير لا يعرف بأن لي كل هذه المدة، «يحسبونني جديداً». ولكن المشكلة أننا نواجه مشكلة ضبابية تشكيل أعضاء الشرف، فالتعليمات الجديدة رفعت عليهم قيمة العضوية ولا نعرف من سيستمر ومن لا يستمر. • ولكن العضوية ليست بسيطة يجب أن يقابلها دعم؟ •• نعم، كل واحد وظروفه، وأنا لو الود ودي كل واحد يدعم، فاليد الواحدة لا تصفق. • المتبقي على الدوري شيء بسيط، كيف يتحقق؟ •• قطعنا مشوار طويل «بزينه وبشينه»، والآن لا ينفع كلام إدارة ولا كلام مدرب فهم يعرفون المدرب وأسلوبه، الآن دور اللاعبين أنفسهم، فهل يرغبون أم لا، فالكلمة الآن كلمة اللاعبين ونحن هيأنا الموسم كله لهم بقدر المستطاع، حاولنا كإدارة أن نكون «المصدة» كي يلعبوا، وسنحفزهم على الدوري والكلمة لهم. • ألا ترى أن الجماهير لها دور أيضا؟ •• الجماهير غاضبة علينا، وأنا لا يمكن أغضب على الجمهور، معهم حق، قلتها في البداية، وأقولها إلى الآن، والمتبقي لقاءان فقط فإذا لم تحضروهما فمتى ستحضرون، ونحن قابلون بعتب الحبيب، فهم حبايبنا، وهم ما يتكلمون إلا من حبهم للنادي، ولكن الآن الدور عليهم. فالدوري بيد الجمهور واللاعبين، و98 % من دور الإدارة انتهى والباقي عليهم. أنا أوصلتهم إلى الباب، فهل سيطرقون الباب ويفتحونه؟ • يقولون إنك محظوظ بطارق كيال. •• أنا محظوظ والأهلي أيضاً، فطارق من المخلصين للنادي ويكافح من أجله، وهو من يحب النادي كثيراً، وأي إدارة محظوظة به. • ظهرت مشكلة عمر السومة في وقت حساس، مما أثار الخوف في نفوس الجماهير، لماذا ظهرت؟ وكيف تم إخمادها؟ •• تبسم قليلا.. ثم أجاب: أنا أتفهم السومة كثيراً، وحديثي معه من بداية الإصابة، وكنت حاضراً التمرين الذي أصيب فيه، وكنت حاضراً رحلته لألمانيا. وحضرت عودته وحضرت حماسه عندما عاد، ويقاتل من أجل أن يؤدي وهو يرى الموسم منتهياً. ولقب الهداف لم يذهب بعيداً عنه، وهذا من ولائه وحرصه وحماسه، ولكن السومة باقٍ إلى 2020، فأنا لا بد أن أحافظ عليه للمستقبل ولا أستعجل عليه، وزملاؤه «كفّوا ووفّوا»، ولكن زعله لم يكن مع اللاعبين، كان مع شخص محدد في فترة محددة، وهو رجل من كبر حماسه إنفعل، وأؤكد لكم أن المشكلة انتهت، وأعرف أن هناك من ينخر في الجرح، ولهم أسبابهم الخاصة، ولكن أطمئنهم أن المشكلة انتهت. السومة قامة مهمة، وهو غير جاهز 100% والمباريات التي نخضوها حساسة، ورغم ذلك أدخلناه في أكثر من مباراة لتدريجه في اللعب، وأما عن تسجيله في الآسيوية فأنا مضطر وأنظر للنادي بمسؤولية وخانته أحتاج فيها لاعباً جاهزاً والنية بتسجيله لا تزال قائمة بعد تجاوزنا المراحل الأولى من الآسيوية. • يقال إن السومة لمس اختلافاً في التعامل بين الإدارة السابقة والإدارة الحالية؟ •• لم يختلف التعامل معه، وفرنا له أفضل الكوادر الطبية في ألمانيا، وأنا أعامل اللاعبين سواسية، ورغم قامة السومة لكن لا أفضل أن أعامل لاعباً بشكل يختلف عن الآخرين، وأعمل على قاعدة «النادي فوق الجميع». • هناك حديث متداول عن نيته في الرحيل مع انتهاء الموسم؟ •• السومة باقٍ، هو قال في لحظة غضب أن لديه كلاماً سيقوله في نهاية الموسم، ولا أمنعه إذا كان لديه كلام فليقله، وأؤكد لك بأنه تجاوز المشكلة، وما بقي أحاديث منافسين؛ لأن السومة مخيف داخل الملعب وخارج الملعب. • ماذا عن أكاديمية الأهلي؟ ما مستقبلها؟ •• أنا سأكون صريحاً في الحديث عن الأكاديمية، فهي كانت تحت مسؤولية الأمير خالد بن عبدالله، وكانت تحت أشرافه طوال السنين الماضية، وأبلغت الإدارة بأن مسؤوليته ستنتهي، وأن على الإدارة أن تتصرف بما تراه مناسباً، «فلا يزعل مني الأهلاويون» أنا كمسؤول عن الأهلي همي النادي أولاً وأخيراً. عقدنا اجتماعاً مع مجلس الإدارة، وطرحنا جميع الحلول لمستقبل الأكاديمية، وطرحنا عدداً من الأسئلة، هل تستثمر؟ أم تغلق؟ فالنادي يملك التصريح فقط والمباني ليست للأهلي رغم أن الأمير خالد هو من تبرع بها، والأرض ليست ملكاً للنادي، فهي مستأجرة من الأمانة، ومع سياسة تقنين المصروفات أقولها بصراحة ومن يغضب من ذلك فهو شأنه، أنا لن أحمل النادي مصاريف الأكاديمية أكثر من مصاريف النادي الحالية؛ لأن ذلك ظلم للنادي وظلم للإدارات القادمة وعبء نحن في غنى عنه، ومن يقول لي أن مصاريفها لا تتجاوز ال14 مليونا، أقول له خذ الأكاديمية واستثمرها، فهي خدمت الرياضة السعودية بأكلمها وغذت الأندية جميعها، والأهلي لم يأخذ منها سوى عدد بسيط. • هل خاطبتم الهيئة إذا كان لديها رغبة في استثمارها؟ •• تقديمها للهيئة لتشغيلها وإدارتها كان من ضمن تلك الخيارات. • نجاحكم لن يكتمل حتى تقدموا للإدارة القادمة رؤية واضحة لخطة الموسم القادم. •• نحن في كل نهاية موسم نضع دراسة كاملة للمعسكرات القادمة وحاجات النادي المستقبلية، ونعمل عليها الآن، فإذا عقدت جمعية عمومية وأنا على رئاستها فأنا أعرف ماذا أعمل، وإذا لم أكن رئيساً سنقدم للإدارة القادمة ما نستطيع لنمكنها من اتخاذ القرار الصحيح. • هل سيبقى ريبروف للموسم القادم؟ •• ريبروف باقٍ إلى الآن. • هل أثبتم نهاية الموسم أنكم أكثر الأندية استقراراً؟ •• لدي كلمة واحدة أقولها في هذه النقطة: «يا جبل ما يهزك ريح». • كيف رأيت المنتخب في وديته الأخيرة أمام بلجيكا؟ •• سمعت انتقادات كثيرة حتى من أعلى سلطة، لكن أنا لي رأي آخر. في السابق كان المنتخب يلعب مع منتخبات غير قوية، وهناك من يشكو من هذه النقطة، وينتقدون اللعب مع منتخبات ضعيفة في مراحل الإعداد، والآن يلعب المنتخب مع منتخبات قوية، وطبيعي أن تخرج خاسراً بأربعة وخمسة، ولكن المهم ألاّ تخسر في كأس العالم. • مهند رغم تميزه إلا أنه لم يكن خياراً لبيتزي، لماذا؟ •• ابتسم ورد مازحاً: أنا مرتاح لذلك؛ لأني أخاف عليه من الجهد. ويضيف: كنت مستغرباً من عدم مشاركة مهند، ولكن هذه قناعة المدرب. • يقال بأنكم عانيتم باقناع ريبروف بمهند، وكان هناك نية لاستبعاده؟ لم يكن هناك نية لاستبعاده، ولكن المدرب كان يجهل مهند، والمحترف الجيد يثبت نفسه أمام أول فرصة له، ومهند أثبت نفسه حتى اقتنع المدرب به. • كثير من المستبعدين في بداية الموسم من قبل المدرب، نرى أنهم الآن أساسيون، كيف تم ذلك؟ •• هذا هو التفكير الأوروبي الذي يطالب اللاعب بإثبات نفسه في التمارين وفي المباريات، وأسأل اللاعبين الذين احترفوا في الليغا، لماذا لم يلعبوا؟ فالقرار بيد المدرب الذي يطالبهم بإثبات وجودهم بغض النظر عن الاسم، «إلا إذا كنت ميسى أو نيمار». • هل لديك رسالة للجماهير؟ •• أقول للجماهير«خلاص كفاية» العتب وصل، والآن هذا وقتكم، ولم يتبقَ سوى مباريات محدودة وحضوركم في الملعب يشجع اللاعبين كثيراً. • هل سنرى 60 ألف متفرج في مباراة الهلال؟ •• أسألهم.. «نشوف 60 ألف وإلا ما نشوف»، والموسم في نهايته وفترة التصحيح انتهت.