«الأوسكار» أهم الجوائز السينمائية في العالم، تقدمها أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة بولاية كاليفورنيا في أمريكا، تبدو أنها الأقرب نيلاً للقصة الواقعية التي عاشها أول ممثل عربي سعودي ظهر في هوليوود خليل الرواف، وهو يبحث عن ابنه البكر نحو نصف قرن في حال تم تمثيلها في فيلم سينمائي. 1895، قطع الحبل السري لخليل بن إبراهيم الرواف بمنزل شعبي في مدينة بريدة بمنطقة القصيم (وسط السعودية)، معلناً اتصاله بالعالم الخارجي الذي تحمل فيه الأقدار تنقلات وتحولات عدة أكبر مما يظن ذلك الطفل في مهده، إذ بعد أن اشتد عزم الرواف بدأ في العمل بتجارة الإبل الشهيرة في المنطقة آنذاك، متنقلاً بين العراق، سورية، والأردن. سارت أقدام الرواف بصحبة تجارته، لتوصله إلى مدخل فندق صغير بمدينة دجلة العراقية في 1932، ليتعرف بآنسة أمريكية كانت تنزل في ذات الفندق، وهي السيدة فرانسيس، ليبدأ التعاطي معها في الحديث بوجود أحد النزلاء الذين يجيدون اللغة الإنجليزية، وساهم في الترجمة بينهم، وتركت أطراف الحديث إعجاباً متبادلاً بين الرواف وفرانسيس. بلغت الآنسة الشقراء قلب الرواف، ليقرر التنقل معها من بغداد، دمشق، إلى بيروت، لكن موعد العودة إلى الديار عبر السفينة حان بالنسبة لفرانسيس، مخبرة الرواف بصدق حبها له، وقطعت له وعداً بعودتها لاعتناق الإسلام، والزواج منه، وكانت عند عهدها. وطأت أقدام العربي القادم من نجد، الولاياتالمتحدةالأمريكية في 1935 وهو زوج لفرانسيس، التي كانت سعيدة كثيراً بهذه الزيجة، لتبدأ نقطة التحول الحقيقية في حياته، عبر التجوال في الولاياتالأمريكية، وكانت زوجته تقيم ولائم وتدعو خلالها أصدقاءها وبعض وسائل الإعلام للتعرف على زوجها السعودي ولقائه. ذاب الحب بين الرواف وفرانسيس، وبدأ يتلاشى نتيجة اختلاف العادات والتقاليد، منتهياً بالانفصال، إذ عادوا إلى المدينة التي تم فيها عقد الزواج دمشق لتنفيذ إجراءات الطلاق. الدهشة بأمريكا التي عاشها الرواف دفعته إلى العودة إليها، عبر استخدام «القرين كارد» الذي حصل عليه بعد زواجه من فرانسيس، ومن خلال معارفه وأصدقائه الذين يعملون في المجال الإعلامي استطاع أن يعمل مستشاراً فنياً للتراث العربي والعادات في تلك الأعمال التي تنتجها هوليوود عن العرب. «كنت مراسلاً حربيا»، الفيلم الأول الذي شارك فيه الرواف، وكان خلاله أول ظهور لممثل عربي سعودي في هوليوود، وهو من بطولة النجم الأمريكي المعروف «جون واين»، إذ استمر سطوعه لنحو 3 عقود، وأخرجه «آرثر لوبين» في 1937. كل ما جرى في حياة الرواف حتى الآن ليس شيئا، أمام قصة زواجه من الآنسة الأمريكية كونساتنس ويلمان، والذي أنجب منها ابنه البكر نواف، لكن بحسب أستاذ العلاقات الدولية البحريني الدكتور عبدالله المدني، الذي سرد قصة الرواف عبر برنامج على رمال الخليج في قناة البحرين، فإن بعد مجيء نواف ب8 أشهر انفصل الزوجان عن بعضهما، وعملت كونساتنس على إبعاد نواف من أبيه، لينتقل بعدها الرواف إلى مصر ويتزوج بسيدة مصرية أنجب منها فتاتان هما الطبيبة آسيا والمعلمة أميمة. عاد الرواف إلى السعودية، وحاول مراراً وتكراراً البحث عن ابنه نواف من بينها رحلته وأسرته إلى أمريكا في 1962، الذي عملت والدته على تغيير اسمه ثلاث مرات، والتنقل به بين بريطانياوأمريكا، لارتباطاتها الزوجية، ولكن دون جدوى. 1974 كانت بداية الضوء في نفق البحث عن نواف بين الولايات، إذ ابتعثت جامعة الملك سعود بالرياض عثمان ياسين الرواف، وهو ابن عم نواف، للدراسة في أمريكا وحمل معه في سفره وصية عمه للبحث عن ابنه. عمل ياسين على وصية عمه، وهم في البحث لكنه نتج فقط بمعلومات تشير إلى مشاركة نواف في الحرب الأمريكية على فيتنام. عقب 17 عاما، اقترح أحد العاملين في وزارة الخارجية الأمريكية على ياسين، بأن يتعامل مع محقق خاص لإيجاد ابن عمه، وبالفعل بعد التواصل مع المحقق مرت 3 أيام فقط لتصل معلومات سكن وعمل نواف الذي كان اسمه حينها «كلايف»، ليتواصل معه. وكانت الأمنية لخليل هي مشاهدة ولده، إذ كان يبلغ من العمر حينها نحو 95 عاما، بينما كان يبلغ عمر نواف 45 عاماً، ليتم اللقاء بينهما بعد نحو 4 عقود.