كل عام وأبها أنشودة غرق، كل عام والسماء تغيث الأرض وتسقي الحرث وتكشف عوار ما خفي واستتر !. الناس في مساجدهم وصلواتهم ودعواتهم، يسألون الله أن تكون سقيا رحمة ولا بلاء ولا هدم ولا غرق. والسبب ليس في غزارة المطر، ولكن لأن الأرض بمشاريعها وتخطيطها لا تتواءم ولا تنسجم مع كرم السماء المعتاد الذي يصافح أبها في كل عام مرة أو مرتين. كالعادة تهرع الأجهزة الخدمية المسؤولة إلى الحدث حاملة معها أكواماً من التبريرات، مصحوبة بحضور درامي لبعض قادتها وأركان إداراتها، تحاول نقل الحدث من وجهة نظرها التبريرية المؤرشفة في دهاليز الأدراج مع خطط الطوارئ والإنقاذ الكلامية. حي الموظفين وحي المنسك أكثر الأحياء خوفاً من المطر، فتجارب هذين الحيين تعكس ذكريات مؤلمة ومشاهد مفجعة وتعطلا لحركة الزمن قبل أن تتعطل الشوارع بركبانها وراجلتها، والنَّاس في حيرة من أمرهم هل يشكرون أم يتأسون ويأسفون على حال أعياها الصبر وأنهكتها سلاسل الوعود ومسلسلات التبريرات التى تؤكد أن الوضع تحت السيطرة، وما علم الآخرون أن السيطرة تحتاج إلى خطط أخرى للاحتواء والاستدراك. التعليم يتوجس من المطر، وتعليق الدراسة وأمر إصداره وتردد صانعه يذكرك بالشفرة النووية ومفاتيحها وحقيبتها التي تصاحب رؤساء الدول لتكون تحت تصرفه وأمره، ولكنه قبل أن يستخدمها يظل يفكر كثيراً. والإعلام وأعلامه ودهماؤه وضيوفه وخدامه، كان وما زال تقليديا في تعاطيه مع هذه الظاهرة التي أصبحت لزمة كارثية غير مكترث بها من الأجهزة الخدمية كالأمانات، ومجالسها البلدية الموقرة المنبثقة عن الأولى فكرة والمكملة لها نقصاً المستقرة مكانا في عالم الحراك التنموي الذي سبقها إلى الوجود وما زالت بهناتها ونكساتها يتخطاها هذا الحراك مسافات زمنية طويلة. وكالعادة بلدي أبها المغلوب على أمره ضيف شرف على هذه الأحداث، شاهد عيان وفي أحسن الأحوال «شاهد ما شافش حاجة». ومع ذلك تظل أبها بطموحات أميرها ونائبه وأهلها التواقين للنجاح والازدهار قادرة على تجاوز هذه الظواهر الموسمية، شريطة أن تكون الإجراءات الإصلاحية مسبوقة بدراسات دقيقة تحدد الداء وتصف الدواء. أعلم أنني لم أضف شيئاً لحل هذه المشكلة ولكنني كأبهاوي غيور أعيشها ألماً وواقعاً، وأشاطر الآخرين بكاءهم وتشوقهم لحل يعيد أبها إليهم في أحسن حالاته، وهي المطر، فقديماً كانت لحظات هطوله إيذاناً بفرح وسرور يتغشى الإنسان والمكان، واليوم لحظات المطر تعني عند البعض كارثة تعري المشاريع والخطط السابقه وتعيد طرح السؤالين التقليديين، من المسؤول وما الحل؟ [email protected]