ليعذرني مسؤولو التخطيط في أمانات وبلديات مدننا الحبيبة، نحن لسنا بحاجة إلى مشروعات لتصريف الأمطار، بل إلى إجازات لتصريف الشعب وقت الأمطار! وهو الأمر الذي بدأت به وزارة التربية والتعليم والجامعات في جدة والرياض بإعطاء إجازات لمنسوبيها من الطلاب والمدرسين، كحل مناسب لمواجهة مشكلة تصريف مياه الأمطار. هذه الأيام يعود المهرجان السنوي لبرك السباحة في شوارع وأنفاق مدننا الكبرى ومعه تعود حلول اللحظة الأخيرة التي تحاول أن ترقع شقا اتسع عبر عقود من الإهمال واللاتخطيط. والنتيجة التي خلصنا إليها هي أن الإجازات أقل تكلفة من إيجاد بنية تحتية تحول دون أن نغرق في شبر ماء، وبالتالي فهي حل مثالي للجميع، ولعله يكون الحل الوحيد الذي سيرضى عنه الجميع أيضا. من منكم لا يرغب في إجازة؟ وكم مسؤول في المرور يود أن يرى الاختناقات و «التخبيص» الذي تخلفه الأمطار، وكم هي الأمانات التي تود صرف الميزانيات الطائلة في مشروعات تصريف المياه في حين أن الحل سهل ومتوافر. عطل الحياة والمؤسسات وستتكفل حرارة الشمس بالباقي! ومن هذا المنطلق فإني أدعو إلى تشكيل لجان دائمة بين الدفاع المدني وهيئة الأرصاد وأمانة كل مدينة لتصميم إجازات يومية وأسبوعية وموسمية تتواءم مع مواسم هطول الأمطار، ولا بأس أن يصبح لدينا تعميم يقضي بأن الطالب والموظف يحق له التمتع بإجازة بمجرد هطول الأمطار! وفي هذا الصدد يجب ألا تفكر هذه اللجان في أن الأمطار قد تستمر لأيام متتالية، ومعها يتواصل قرار حظر التجول الإجباري الذي تفرضه هذه الإجازات، يساندها في ذلك برك المياه المتجمعة التي تعطل الحركة في الشوارع. كما يجب ألا تلتفت للمشوشين الذين سيرددون أن ما تحدثه إجازات تصريف الأمطار يسبب خسائر مباشرة وغير مباشرة يفوق ما ينبغي استثماره في مشروعات تصريف الأمطار. وإلى حين تتم هذه اللجان عملها سيجتهد طلبة المدارس في جدة والرياض في الدعاء أن تمطر السماء كل يوم ويحصلون على إجازة طوال العام، وربما نجد مطالبات شعبية بإيقاف أي مشروعات لتصريف الأمطار حتى لا تتوقف هذه الإجازات!