انتفضت الغرف التجارية ومجلسها الموقر عقب صدور قرار الفاتورة المجمعة، لذلك تعرضت لهذا القرار، ومن قبله وبعده ستصدر قرارات أخرى انضمت معها في التأثير المباشر على المنشآت الصغيرة والمتوسطة وقطاع الخدمات المهنية. وكنا قد حذرنا مراراً القطاع الخاص والشركات العائلية من مخاطر بُعْدِهم عن المشاركة بالرأي مع السلطة التشريعية، سواء كان في مشاريع القوانين أو مع السلطة التنفيذية في قرارات الوزارات والهيئات الحكومية. أنا مع جميع هذه القرارات التي تُصْلِح بها الحكومة الاختلالات الجذرية والمؤسسية للقطاع الخاص من فساد وتستر تجاري وصناعي وخدمي ومهني كان ينخر في اقتصاد الوطن لعقود من الزمان تحول معها مجتمع الأعمال إلى تجار فقط، وأدى إلى انهيار مؤسساته الممثلة بالغرف التجارية والهيئات المهنية وخاصة الهندسية والمالية وأصبحت تمارس حالة من العلاقات العامة بدون تأثير حقيقي أو فاعل حتى من خلال أهم أدواتها التي تمثلت في منتدى الرياضوجدة الاقتصادي وغيرها من المنتديات الكبرى للشركات العائلية والإدارة والموارد البشرية، وأصبح التشريع في اتجاه واحد بلا شراكة حقيقية بعد أن غاب الحوار المؤسسي. واليوم القطاع الخاص الممثل في الشركات العائلية أصبح محاصرا بحزمة قوانين إصلاحية جذرية لجميع مفاسد وأخطاء قطاع الأعمال التي تعايشنا معها لعقود طويلة أدت إلى هدر الأموال وفشل مشاريع التنمية في مجال الإسكان والتنمية والمدن الاقتصادية والتعليم والصحة والخدمات والسعودة والتوطين الحقيقي للأعمال والعمال. لقد أصبح قطاع الأعمال مضطرا لمواجهة الواقع الجديد من حتمية الترشيد والحوكمة وإعادة بناء مؤسساته الاجتماعية والمدنية ليكون شريكاً حقيقياً للحكومة في اتخاذ القرار المناسب للتمكين وبرنامج التحول الوطني 2020 ورؤية2030 التي تعتمد على الشراكة مع القطاع الخاص. القطاع الخاص الذي يجب أن يرقى لمستوى الحدث والتحديات الحقيقية وأهمها أن يباشر دوره كشريك يوجه ويجابه شريكه الحكومي فكما أن القطاع الخاص مطالب بالسعودة والتوطين فإن القطاع الحكومي مطالب بالحوكمة والإدارة الرشيدة. والطرفان مطالبان بالشفافية المطلقة والمشتركة وكل ذلك تحت أنظار ورعاية وسيادة القانون على الجميع تحميها النيابة العامة والسلطة القضائية المطالبة بترسيخ وتمكين الجميع من حقوقهم من عمال وتجار ومستهلكين مع الحفاظ على المال العام والخاص من الانتهاك أو الضرر. إن المطروح من خلال الميزانية الأضخم في تاريخ الوطن والأموال المحصلة من محاربة الفساد والمشاريع التي تعادل في حجمها ومساحتها ما طرح ونفذ منذ تأسيس الوطن، ينقل الوطن واقتصاده ليكون الأضخم آسيوياً وأفريقياً مما يتطلب معه أن نعمل لشراكة حقيقية تتفرغ فيها الحكومة للتشريع والرقابة والحماية ويتحول القطاع الخاص إلى مقدم ومنفذ المشاريع والخدمات. majedgaroub@