منذ العام 2003 والمشهد العراقي يفورُ بالدم ويجلّله الرماد، انهارَ نظامٌ ديكتاتوري، ولم يكن الانهيار يخصّه وحده كنظامٍ رزح طويلاً على صدر الوطن ووجب رحيله، غير أن الانهيار والرحيل لم يكن لرجلٍ ولا لنظام، إنما لدولة أصبحت مباحة ومتاحة للاحتلال الأمريكي ولجحافل الإرهاب تشقّقت عنها جهاتُ الأرض كلّها؛ فأضحى العراق مع العام 2006 ساحةً تصطخب بالعنف في أشدّ صوره من التطرف والدمويّة، وبأحداث الدمار في أعتى أشكاله بشاعةً. هذا المشهد القيامي كلّما خلتَ أنّ صفحته مضت، جاءت انبعاثات الحرائق والأشلاء ورعود التفجير تنكأ الخاصرة، يطفو الموت بغيمته السوداء، لا ينشر أجساداً بوصفها مجرّد أرقامٍ إحصائية تذهب إلى النسيان عمّا قليل. هي قصص ومآسٍ تنحفر في الجلد وفي الذاكرة، حاول الإبداع العراقي ما وسعته المحاولة الدنوّ من ضفاف الموت والفجيعة حتى الالتصاق مع الأجساد وأجزائها، مع الأثر النفسي والوضع الاجتماعي القاتمين اللذين بات عليهما الأفراد والمجتمع في العراق، آثار غائرة يسعى الإبداع إلى تطهيره. * ناقد سعودي