ما تزدحم به أدراج اللجان القضائية الرياضية لدينا عادةً هي المطالبات المالية للاعبين من أنديتهم والتي تصل إلى ملايين الريالات وهو الأمر الذي أصبح طبيعياً والذي أوصل أغلب أنديتنا وأكبرها إلى تراكم الديون ومن ثم إلى العقوبات الانضباطية كمنع التسجيل والغرامات وغيرها. سبب هذه المطالبات والقضايا هي عقود الاحتراف والتي بموجبها ترتبت هذه الالتزامات وأعطت اللاعب الحق النظامي والشرعي في المطالبة بالمبالغ المتفق عليها في هذه العقود. السؤال المهم هو هل عقد الاحتراف يعطي اللاعب حقوقه المادية فقط أم هو عقد لا بد أن يقابله عمل؟ الإجابة الواقعية والمنطقية هي أن عقد الاحتراف الرياضي هو عقد ذو طبيعة خاصة وإن كان من ناحية قانونية يكيف على أنه عقد عمل أي أن اللاعب يستحق المقابل المادي مقابل تقديمه للعمل المتفق عليه وهو المشاركة مع ناديه ولكنه يعتمد على أداء اللاعب ومستواه الفني والذي إذا هبط مستواه فإن اللاعب يصبح عديم الفائدة ويتم الاستغناء عنه بعكس عقود العمل في المهن الأخرى والتي تختلف فيها معايير الأداء وطبيعة الإنجاز التي يتم التقييم بناءً عليها. لذلك نجد أن اللاعب السعودي وإن كان محترفاً إلا أنه يحمل فكر اللاعب الهاوى والذي يمارس كرة القدم بمزاجية ولا يهتم بتغذيته ومواعيد نومه وصحته بشكل عام والتي لا يمكن ضبطها في عقود الاحتراف رغم تأثيرها الكبير على ثبات مستواه الفني ولياقته البدنية، فمن الناحية القانونية لا تستطيع إدارة ناد معاقبة لاعب على هبوط مستواه أو ضعف لياقته أو عدم تركيزه بسبب السهر أو غيره، والسبب لأن عقد الاحتراف ونظام الاحتراف بصفة عامة قد تضمن نصوصاً عامة ومطاطة لا يمكن ضبطها كونها تتعلق بالحياة الشخصية للاعب، وطالما انتظم اللاعب في التدريبات والمباريات فبالتالي فإن ماله من مقابل قد أصبح مستحقاً!! هذا المبدأ وإن كان نظاماً معمولاً به في كل دول العالم إلا أن المحترفين في أوروبا مثلاً لديهم فكر احترافي وثقافة عالية في مجال الاحتراف وأن ممارسة كرة القدم والرياضة بصفة عامة قد تعدت مرحلة الهواية وأن العمل في هذا المجال يتطلب جهداً وانضباطاً كبيراً لأنها مهنة تدر لهم دخلاً كبيراً. ما تمر به رياضتنا من تطور استثماري كبير لا يمكن أن يغفل دور اللاعب فيه، لأنه هو من يقع عليه عبء تحقيق البطولات والنتائج وهو الحلقة الأهم الذي تتم به صناعة رياضة ناجحة، وهو الأمر الذي قد بدأت فيه هيئة الرياضة فعلاً عن طريق إرسال لاعبينا للاحتراف الخارجي والتي لن تكون لها فوائد على المستوى الفني فقط بل على المستوى الفكري وتطويره لديهم، والذي بلا شك سينقلونه معهم إلى اللاعبين المحليين بعد خوض تجربة الاحتراف في أوروبا، والتي سيكتشفون من خلالها مدى الحجم الاستثماري الكبير للرياضة في العالم وكيف يتعامل معه اللاعب المحترف في الدول المتطورة في كرة القدم. ختاماً وحتى نصل إلى هذه المرحلة يجب أن نعمل على تطوير الفكر الاحترافي للاعب السعودي من جهة ومن جهة أخرى أرى أنه لابد أن تتضمن عقود لاعبينا المحليين معايير مختلفة للأداء والمحاسبة من خلالها.