أكدت عضو مجلس الشورى الدكتورة موضي الخلف أن غالبية أعضاء الشورى بمن فيهم لجنة الشؤون الإسلامية أبدوا تأييدهم ل«مشروع ضبط زواج القاصرات»، فيما تم منح اللجنة مزيداً من الوقت لدراسة ما طرحه الأعضاء من آراء ومقترحات والعودة بوجهة نظرها إلى المجلس في جلسة قادمة. وطالب الأعضاء بإضافة 3 مقترحات للمشروع، الأول: وضع سن يمنع فيه زواج الفتاة مطلقاً ولو كان بموافقة الوالدين وهو ما دون ال16، ووضع ضوابط لمن هن دون ال18 إلى ال16. والمقترح الثاني: عدم قصر التوصية على الفتيات بل جعلها للإناث والذكور، إذ يحدد سن أدنى للزواج لكل منهما، والمقترح الثالث: النظر في فارق السن للفئة العمرية المستثناة. وظل ملف زواج القاصرات يراوح مكانه منذ 8 سنوات، ورغم الاهتمام به على مستوى مؤسسات الدولة ومجلس الشورى، والرأي العام، إلا أن هناك من رأى أن عدد الحالات أقل مما يستوجب التقنين، فيما إحصاءات وزارة الصحة تكشف خلاف ذلك، إذ أوضحت عضو المجلس الدكتورة حنان الأحمدي في مداخلتها على تقرير اللجنة الإسلامية والقضائية بهذا الشأن أن 5922 فتاة تقل أعمارهن عن 15 عاماً تقدمن لإجراء فحص ما قبل الزواج خلال الفترة من عام 1432 إلى 1437، ونحو 514 فتاة تقل أعمارهن عن 13 عاماً في ذات الفترة، ورغم أن معظم الناس يرفضون زواج الأطفال، وتزويج الفتيات لكهول في عمر آبائهن، ويرفضون الزيجات التي تتم بتبادل المصالح بين الزوج وولي الأمر، إلا أن ذلك لا يزال يحدث في مجتمعنا اليوم. وشمل تقرير اللجنة الموافقة على قصر عقد النكاح لمن هن دون ال18 على المحكمة المختصة، وعلى القاضي المختص، مع توفر عدد من الشروط، منها إقرار الفتاة بالموافقة أمام القاضي، وتقرير طبي واجتماعي من مستشفيات وجهات حكومية معتمدة. وكان المقترح الوارد من الحكومة حدد الضوابط لمن هن في سن ال17 فما دون، ولكن اللجنة في مرحلة استطلاع الآراء وردها رأي مقدمي التوصية المرفوضة وهم الأعضاء الخمسة (الغيث وزميلاته الأربع) الذين قالوا إن سن ال17 ليس كافيا ويؤدي إلى استمرار وقوع حالات زواج القاصرات، ورأوا ضرورة رفعه إلى سن 18، وهو ما أخذت به اللجنة كما يبدو في توصيتها التي حددت الضوابط بذلك السن. كما أن الأعضاء الخمسة رأوا أن الضوابط ينبغي أن تكون شاملة للجنسين معا وليس للفتاة فقط، استنادا إلى اتفاقية حقوق الطفل التي انضمت إليها المملكة والتي تختص بجميع الأطفال على حد سواء وليس الإناث فحسب. وكان هناك رأي أقلية بشأن تنظيم زواج الفتيات الصغيرات، وهم عبدالعزيز النصار، وعلي الشهراني، وناصح البقمي، واتفقوا مع رأي لجنتهم القضائية، من حيث المبدأ والنتيجة في عدم تزويج من هي دون سن ال18 إلا عن طريق القاضي، وفي ما انتهت إليه من ضوابط لزواج الفتيات الصغيرات بما يضمن سلامتهن وعدم تعرضهن لأي ضرر بسبب الزواج، والتحقق من كونهن مهيآت له، ومن ذلك الحصول على تقرير طبي يؤكد مناسبتهن للزواج من الناحية الصحية البدنية والنفسية والاجتماعية. ويرى هؤلاء الأعضاء الاكتفاء بالحصول على تقرير طبي واحد من مستشفى حكومي يتضمن الشروط المطلوبة، لأن طلب عدة تقارير كما ترى اللجنة ليس له ثمرة، فضلاً عن أن فيه تكليفاً على الفتاة وذويها دون مبرر. ولا يرى الأعضاء النصار والشهراني والبقمي ضرورة أن يتم كل تقرير بناء على طلب القاضي، مقترحين طلبه من المستشفى عند إعداد التقرير الطبي بالفحص قبل الزواج والنص على ذلك في الضوابط لتقوم وزارة الصحة بالتحقق من مناسبة الفتاة للزواج من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية. وأكدوا أن إعداد التقرير الطبي عن الحالة الصحية للفتيات ليس تقديراً للقاضي وإنما يجب إعداده بكل الأحوال وسيكون الأساس لمناسبة الفتاة للزواج من عدمه، وأيضاً أنه يحقق المطلوب والتيسير على الفتاة ووليها من الذهاب للقاضي في المحكمة مرتين، كما أن فيه تيسيرا على القاضي والمحكمة بتخفيف الإجراء. وأكد الأعضاء أن إحالة الطلب من القاضي بما يتضمنه من طلب تقرير نفسي عن الفتاة، ومن خلال تداول الخطاب صدوراً ووروداً بين المحكمة والمستشفى فيه تأثير على الفتاة وأسرتها لما هو مستقر في أذهان كثير من الناس أن الإحالة لطبيب نفسي قد يكون بسبب اعتلال نفسي في الفتاة. وشدّدوا على أنه ينبغي أن يستحضر عند إعداد ضوابط تنظيم زواج الفتيات أنها حماية لهن من الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية وسعي لمصلحتها. وفي ما يخص تطبيق هذه الضوابط على زواج السعودي من غير السعودية - الذي يتم داخل المملكة - يرون عدم شمول الضوابط لهذه الحالات، لأن هذا الزواج له جوانب أمنية ويستدعي شروطاً أخرى، إلا إذا تضمنت الفقرة الخاصة بهذا الضابط «مع عدم الإخلال بأي شروط تقررها الجهات المختصة». وعن اتخاذ ما يلزم لضبط أية مخالفة للضوابط، وتطبيق أحكام نظام حماية الطفل عليها، يرى الأعضاء الثلاثة عدم مناسبتها، لأن مخالفة الضوابط ستكون محصورة بقاضي المحكمة المختصة، لأنه لن يصدر عقد النكاح للفتيات الخاضعات لهذه الضوابط إلا من خلاله، مقترحين وضع ضوابط زواج الفتيات دون عمر 18 عاماً. من جانبها، قالت عضو المجلس الدكتورة حنان الأحمدي في مداخلتها على تقرير اللجنة الإسلامية والقضائية بشأن زواج القاصرات: «بالاطلاع على تقرير اللجنة، وكامل الوثائق المرفقة بملف هذا الموضوع، أود أن أشيد بجهود اللجنة، ودراستها المتأنية لهذا التقرير، وتوصياتها القيمة، وأؤكد تأييدي لقرار اللجنة بالموافقة على وضع ضوابط لزواج القاصرات لجميع المبررات الاجتماعية والصحية والنفسية والشرعية التي تضمنها تقرير اللجنة ولن أكررها، ولكني أشير إلى أننا كمجتمع قضينا وقتاً طويلاً في محاولة تقنين زواج القاصرات».