عوّدتنا القيادة السعودية على الوفاء مع رجال العلم، وتاريخ تكريم العلماء وأساتذة العلم يشهد لهم، ومواقفهم المشرّفة مع العلماء ورجال العلم والتعليم أكبر شاهد على ذلك، وكم من مواقف شاهدت وسمعت خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله يشيد ويثني على بعض أساتذة العلم الأوائل، ومنهم والدنا وأستاذ الأجيال الأوائل الشيخ عبدالله عبدالغني خياط إمام الحرم المكي الأسبق وأستاذ بعض الأمراء من أبناء الملك عبدالعزيز رحمهم الله وطيب الله ثراهم. ورجال التعليم الأوائل في بلادنا حملوا لواء التعليم والمعرفة ولهم الفضل في بناء الأجيال المتعلمة منذ تأسيس الدولة السعودية وإنشاء أول إدارة للمعارف تتولى مسؤولية التعليم بقيادة رائد التعليم السيد طاهر الدباغ رحمه الله، وحرص ملوك آل سعود على نشر التعليم ومحو الأمية، وللحقيقة استطاعوا محو الأمية بالكامل تقريبا من أبناء الشعب السعودي، وطوروا التعليم حتى وصلت مخرجاته إلى مستويات متقدمة عالميا، وما زال العمل على تطوير التعليم قائما. لقد عرف أبناء جيلي أساتذة أفاضل من رجالات العلم والتعليم في جميع مناطق المملكة، وأذكر منهم أستاذنا القدير شاعر القصيم ابن عنيزة الأستاذ محمد سليمان الشبل مدير مدرسة العزيزية الثانوية بمكةالمكرمة، أول مدرسة ثانوية في مكةالمكرمة بعد مدرسة تحضير البعثات، علم من أعلام التعليم في المملكة، شغل منصب مدير المدرسة قرابة 30 عاما، تخرج على يده معظم طلبة الجيل القديم في مكةالمكرمة، ومنهم بعض العلماء وأئمة الحرم المكي والوزراء والوكلاء ومديري الجامعات والضباط والطيارين والأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال وأنا منهم، عرفته مكةالمكرمة بالمربي الأول صاحب الخلق العالي، له هامة وقامة كبيرة، صاحب شخصية لها هيبة، إداري بارع، قائد حازم، والد وأخ كبير لطلبته وزميل لخريجيه، أحبته مكةالمكرمة وأهلها، واحترمه كبيرها قبل صغيرها، حضر آلاف من أبنائه الخريجين حفل توديعه وكنت أحدهم وقدموا من كل أنحاء المملكة ومن خارجها للمشاركة في حفل تكريمه، مودعينه عائدا إلى مسقط رأسه ليقضي بقية حياته في عنيزةالقصيم، بعد أن تركها وهو في سن مبكرة من حياته وقضى في مكةالمكرمة زهرة شبابه وحكمة شيخوخته، بدأ طالبا في المعهد العلمي السعودي عام 1369ه، ثم التحق بكلية الشريعة بمكةالمكرمة وتخرج فيها عام (1373ه)، ثم عيّن مدرسا في المدرسة الرحمانية عام (1374ه)، ثم أصبح مديرا لها. وفي عام (1380ه) عيّن مديرا للمدرسة العزيزية الثانوية بمكةالمكرمة، ثم عرضت عليه وظائف متعددة في مكةالمكرمة، منها أن يكون مديرا للتعليم، وفي الرياض أن يكون وكيلا لوزارة المعارف، فكان رافضا الخروج من مكةالمكرمة لفضلها وجوار البيت الحرام. عاش في قلوب أهل مكةالمكرمة وعاشوا في قلبه، كان رفيق دربه الأستاذ عبدالواحد طاشكندي رحمه الله، سكن بجوار الحرم المكي في سكن متواضع بغية الجوار، كان أديبا وشاعرا، نشر له مجموعة من الأعمال الأدبية أهمها ديوان (نداء السحر) 1399ه من إصدارات النادي الأدبي في الرياض، وديوان (أزهار وأشواك) من إصدار مركز صالح بن صالح الاجتماعي بعنيزة. عام (1430ه) تم تكريمه في احتفال كبير، حيث قال عنه أستاذنا القدير عبدالله عمر خياط في مقالته عام (2009) في جريدة عكاظ «عرفته مربيا وقديرا وشاعرا من جيل الشعراء الشباب الذين أثروا الساحة بنتاجهم الوجداني الذي يذوب رقة». غادرنا أستاذنا الفاضل محمد سليمان الشبل إلى عنيزة لبدء حياته بعد سن التقاعد، ولم ينقطع عن مكةالمكرمة التي أحبها وأحبته حتى عندما فاجأه المرض، أصر على العلاج في مكةالمكرمة بمستشفى النور، وكعادة أميرنا الحبيب مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل في رعاية المواطنين من العلماء والمعلمين الذين تفانوا في خدمة وطنهم، حرص سموه على متابعة الحالة الصحية لحبيب مكةالمكرمة وأستاذها الجليل، ووجه حفظه الله مدير عام الشؤون الصحية الدكتور مصطفى بلجون بتقديم كافة الرعاية الصحية لمواطن صالح قدم لوطنه ولطلبة العلم في مكةالمكرمة الكثير من علمه، وقد حظي بعناية ورعاية خاصة من مدير مستشفى النور التخصصي الدكتور محمد عمر بافرج، وحرص الطاقم الطبي برئاسة الدكتور سالم باجعيفر على سرعة إجراء العملية وقد كان لها التوفيق والنجاح. وهي مناسبة لأن أقدم الشكر والتقدير باسمي وباسم أبناء جيلي ومن هم قبلي وبعدي لأخي سمو الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة على حرصه ومتابعته لرجال العلم الأوفياء للوطن، ومنهم الأستاذ محمد سليمان الشبل، وشكرا لعنيزة وأهل القصيم على هديتهم الغالية لمكةالمكرمة وأهل مكة وطلبة العلم في مكة، وهي هدية أحلى من التمر السكري القصيمي، مؤكدا لهم أن الأستاذ الشاعر محمد الشبل خرج من بيته وأهله في عنيزة إلى بيته الثاني وأهله في مكةالمكرمة، وإن شاء الله سيعود إليهم معافى مشافى سالما. * كاتب اقتصادي سعودي