لطالما آمنت برسالة التعليم، وبسمو أهدافها وعمق توجهها، وفي المقابل أرى في الميدان حنقا شديدا، وحينما أتأمل الحلقة المحاطة في مجال التعليم، أجد أطرافها، تتذمر الطالب والمعلم وولي الأمر والقائد التربوي، وحين تواجدي عن قرب في معترك هذا الميدان، لاحظت أن الضغط يأتي من الأعلى تسلسلاً، فالوزارة التعليمية تصدر القرار ومن خلاله يتواجد لإدارات التعليم الذي يوّجه لمكاتب وإدارات الإشراف والتوجيه وبالتالي يصل إلى قائد المدرسة، ليفرض على المعلم الذي يتحمل أعباء الوزارة على كاهله، ويحاول جاهداً التكيّف مع ظروف التعليم من سوء المباني وقل الإمكانيّات، فيأتي الانفجار الأعظم على الطالب والذي قد يصل هذا الانفجار إلى أولياء الأمور فتضيق الحلقة على الجميع. لماذا شوّهنا التعليم وأفسدنا روحه بقرارات تنظيمية ونسينا أهم عنصر في التعليم، نسينا الأداة التي تهندس القول وتهندم الأرواح، نسينا قداسة المعلّم وتجاهلنا احتياجاته وقللنا من حجمه. نحن بحاجة ملحّة وشديدة إلى إعادة الوهج والنور لدور المعلّم الحقيقي، ذلك المعلم الذي يقضي أكثر الساعات وبين يديه عقول جيل الأمة القادم، فمتى ما أحسنّا أليه أحسن إلى تلك العقول. ماذا يريد المعلّم من التعليم؟ هذا السؤال لو طرح بكل شفافية وتمت مناقشته لتوصلنا لنصف الحل، هل تم عقد اجتماع مع المعلمين في إدارات التعليم لمناقشة معاناتهم والعمل على حلّها؟ هل تم أخذ رأي المعلم في مستوى المناهج المقدمة ومدى فعاليتها من أثر الميدان؟ هل هيئ للمعلم بيئة داعمة وجاذبة تحفزه على العطاء وتقبل الجديد والتوجه نحو الأفضل؟ الأهم من ذلك، هل المعلم سعيد بعمله وبإنتاجه وعطائه؟!.. أنا لا أنكر الجهود وأثني عليها من قبل المسؤولين، لكني أعتب عليهم كثيراً في خلق هذا الجو المشحون، كما أن بعدهم عن الميدان يجعلهم لا يرون الأمر بوضوح. اقترح حقاً لو ينزل المسؤول في الميدان المدرسي ومن ثم يعيش دور المعلم لمدة يوم ويشعر بحجم المعاناة وثقل الحصص المتراكمة وعدد الطلاب في الصف وعبء المنهج الدراسي ثم بعد ذلك يعيد صياغة كل شيء، لو حدث ذلك سنصفق طويلاً وسنفتخر بمسؤولي التعليم، هل يمكن أن يحدث ذلك؟ أم أنه حلم..أم أضغاث أحلام.