«شكلت خلايا المقاومة المسلحة في دول المنطقة وكذلك شكلت حلقات صغيرة للمقاومة في دول أخرى، ونرى تأثيراتها في المستقبل القريب»، هذا جانب من تصريح خطير أدلى به مؤخرا محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، ولأول مرة نراه ليس يشير وإنما يؤکد بمنتهى الصراحة عن تشکيل خلايا وحلقات صغيرة في بلدان المنطقة، ولئن کان هناك الكثير من التأکيد والإشارة إلى موضوع الخلايا النائمة التابعة للحرس الثوري في المنطقة، ولکن لم يکن هناك من تأکيد إيراني «سافر» بهذا الشکل بشأنها، وهو ما يثبت بأن ما کان يثار بهذا الصدد لم يکن عبثا ومن دون طائل، إذ لا دخان من دون نار! إطلاق هذا التصريح المريب وفي هذا الوقت الذي نشهد فيه توترا ملفتا للنظر في ما يتعلق بالملف الإيراني، ولاسيما في ما يتعلق بقضية التدخلات الإيرانية تحديدا، إلى جانب تزايد الضغوط الأمريکية وعبورها لحاجز الحرس الثوري الذي طالما حذرت إيران من المساس به، ولا غرو من أننا يجب أن نأخذ أيضا توتر العلاقات السعودية - الإيرانية بعد إطلاق الحوثيين لصواريخ باليستية على السعودية ووجود نوع من التناغم بين المواقف الأمريکية والأوروبية مع المواقف السعودية في ما يتعلق بتحرکات ونشاطات إيران في المنطقة، ويبدو أن إيران تريد أن تبعث برسالة «تهديد» ضمنية لبلدان المنطقة تحديدا وبلدان أخرى قد تکون أوروبية خصوصا بعد التصريح الأخير لنائب قائد الحرس الثوري حسين سلامي الذي قال فيه: «حتى الآن نشعر بأن أوروبا لا تمثل تهديدا، ولذلك لم نزد مدى صواريخنا، ولکن إذا کانت أوروبا تريد أن تتحول إلى تهديد فسنزيد مدى صواريخنا»، ولا ريب أن الشيء بالشيء يذکر ولذلك فإن هناك نوعا من الترابط غير العادي بين التصريحين، خصوصا بعدما رأت العديد من مراکز القوة في إيران بأن هناك نوعا من تناوب الأدوار بين الأمريکيين والأوروبيين في ما يتعلق بالتعامل مع الملف الإيراني. إثارة موضوع الخلايا النائمة التابعة لإيران في بلدان المنطقة والعالم، وهو موضوع حساس وخطير وله أهمية استثنائية لا يمکن تجاهلها أبدا، أشبه تماما بورقة توجيه ضربات صاروخية للمصالح الأمريکية والغربية في بلدان الخليج، لکن الملاحظة المهمة جدا والتي يجب أن نستخلصها من تصريح جعفري بخصوص تلك الخلايا والحلقات الصغيرة التابعة لإيران في المنطقة والعالم، إنها إرهابية لأنها ستلجأ إلى نشاطات إرهابية کالتفجيرات والاغتيالات وإثارة الفتن والشغب والفوضى والتأثير السلبي تبعا لذلك على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، غير أن الذي يجب أن لا يفوت إيران إنه وبعد قيامها باستخدام هذه الورقة فإن ذلك أشبه ما يکون بانتحار سياسي للنظام في إيران، واعتراف واضح بکون الأخيرة بؤرة للتطرف والإرهاب بحق وحقيقة، يومها فيما لو قدر وارتکبت إيران هذه «المأثرة» الإرهابية فمن الواضح أنها ستکون بمثابة قراءة سورة الفاتحة على النظام! * كاتبة جزائرية