روت أم بدر تفاصيل الساعة العصيبة ل «عكاظ» وقالت إنها كانت في منزل أهلها لحظة الحادثة، فيما كان أبو بدر في المنزل، وعرفت بما حدث من الطفل، «عندما سمعت روايته ظننته يتحدث عن فيلم رعب خصوصا أنه شغوف بمثل هذا النوع من الأفلام، لكنني تأكدت من صحة الواقعة بعدما عرفت التفاصيل من والده». وتضيف أنها شاهدت مقطع الفيديو في اليوم التالي للواقعة، إذ كانت حريصة طوال الأيام الماضية على ابنها ولا تسمح له بمغادرة المنزل إلا في يوم الجمعة، وبعد أداء الصلاة استسمح من والده لشراء بعض المستلزمات من بقالة قريبة، وكان بصحبته «نواف» ابن عمه، وتضيف أن الحادثة رسمت ملامح نفسية سيئة لدى الطفلين، وتعمل الآن جاهدة على إخراجهما من هذه الحالة وتجاوز الأزمة، إذ إن بدر يعاني من موجة كوابيس قبل وبعد النوم جراء الصدمة التي تعرض لها. أما أخت بدر الصغيرة (سبع سنوات) فباتت في حالة سيئة وتصرخ «سيأخذونني» في إشارة للمجرمين، وتنصح أم بدر بعدم نشر مثل هذه المقاطع المرعبة حتى لا تؤثر سلبا على الأطفال. «عمي افتح الباب»! من جانبه، قال والد بدر: «إنه كان موجودا في الدور الأرضي من المنزل، وسمع نواف يصرخ: «عمي افتح الباب»، فخرج مسرعا ولم يجدهما، وشاهد سيارة الجناة وسيارة أخرى، اعترضت الطريق كانت سببا في هروب الطفلين إلى المسجد للاختباء بين جدرانه». يضيف: «إن أحد الجناة كان يقف عند باب المركبة ويتحدث مع سائق السيارة المعترضة وهو يضحك، لهذا لم يشك فيه». وتابع: «بحثت عن نواف وبدر ولم أجدهما، وعدت إلى المنزل، وإذا بصوت جرس هاتفي يرن، وعلى الطرف الآخر كان بدر يبكي ويقول: «كنت أنا ونواف بننخطف من شخص معه ساطور، نحن الآن في المسجد». يواصل أبو بدر: خرجت من المنزل في حالة لا وعي، وصعدت إلى سيارتي، وذهبت للمسجد ووجدتهما بحالة طيبة ثم أبلغنا الشرطة، ولحسن الحظ فإن كاميرا الجيران وثقت المشهد وأحضرنا مختصا وسجلنا المقطع في يو إس بي وسلمناه للشرطة، كنا على ثقة بأن الأجهزة الأمنية ستتوصل إلى الجناة برغم أن ملامحهم لم تكن واضحة في المقطع، والجناة ليسوا من سكان الحي، أحدهم من منفوحة، وآخر من العزيزية، رأيتهم في مركز الشرطة، أما الساطور الذي استخدمه المجرم فإن طوله يزيد على 60 سنتيمترا. «حسام» الجار القلق على ابنته: ماذا لو تمكن المجرم من نواف وبدر؟ لم يفارق مخيلتي وأنا في طريقي إلى حي المربع، الذي يقع في قلب العاصمة الرياض، مقطع الفيديو المروع ل «أبو ساطور» وهو يطارد الطفلين، ظللت أسيرة للمشهد الغريب الذي آثار موجة من الغضب في كافة الأوساط التي تساءلت.. ماذا لو لحق الجاني بالصغيرين؟ هذا السؤال وغيره من الأسئلة كانت تتقافز وأنا اقترب من محيط الحي الشهير، الذي شهد حوادث كثيرة لم توثقها الكاميرات كما وثقت حادثة أبو ساطور ورفيقيه. قبل عبور رصيف الشارع المؤدي للحي، زادت الخفقات لكن شيئا ما كان يدفعني إلى التوغل في عمق «المربع» والسؤال عن منزل الطفلين «نواف وبدر».. تصادف عبور أحد جيران أبو بدر (حسام عماد وكان برفقة ابنته)، شعرت وهو يمسك بيدها، وكأنه يخشى عليها من «أبو ساطور» آخر يفض زحام الحي الشعبي، وقبل أن يدلني على منزل الطفلين، قال حسام وهو يشد على يد ابنته «نحمد الله أن نجّى نادر وبدر من براثن المجرمين، الذين لا يخافون الله». وأضاف: «كلنا في الحي وقفنا مع الأسرتين، وبقينا معهم إلى ساعة متأخرة من ليل ذلك اليوم الذي شهد الحادثة، ثقتنا كبيرة في أن المجرمين لن يفلتوا من قبضة رجال الأمن، وزاد «ماذا لو تمكن المجرم من ضحيتيه؟ إذ إن الطفلين مازالا يعانيان من رعب تلك اللحظة الفاصلة بين الحياة والموت، لا نلومهما فما حدث لهما جريمة لا تغتفر، لم يحدث في هذه الحي جرائم مماثلة أو اعتداءات من تلك التي كان يهدف إليها أبو ساطور وشريكاه، الحي يعيش في حب وتآلف، لكن الذي حدث ربما قرع جرس إنذار لأولياء الأمور على ضرورة حرصهم على صغارهم من المجرمين». البائع الأمين: لو عرفت بما سيحدث لمنعتهما الهندي محمد الأمين، البائع في البقالة القريبة يروي مشاهداته ل «عكاظ»، جاء نواف وبدر واشتريا بعض المستلزمات وخرجا من البقالة كعادتهما دائما، لم أشك لحظة أنهما سيتعرضان لسوء، وإلا لما تركتهما بمفردهما، أعرف معظم سكان الحي، يتعاملون معي بلطف، ولم أسمع بما جرى إلا في اليوم التالي، كان أطفال الحي يتحدثون عن الواقعة، ولم أصدق ما جرى إلا بعد أن شاهدت مقطع الفيديو المرعب. في الجانب الآخر يعيش أطفال الحي حالة من القلق، وتقول سدرة الطالبة في الصف الثاني متوسط إنها شاهدت تفاصيل الواقعة في الفيديو، وقررت ألاّ تغادر منزل أسرتها بمفردها. ضربة أمنية موجعة ل«أبو ساطور» وشريكيه أعلنت شرطة منطقة الرياض في بيان صحفي أمس (الأربعاء) عن ضبط الجاني الذي لاحق طفلين، مستخدما السلاح الأبيض وشريكيه. وأكد المتحدث باسم شرطة الرياض أنه إشارة إلى مقاطع الفيديو المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت قيام أحدهم بمحاولة الاعتداء على حدثين وسط العاصمة ثم الفرار إلى جهة غير معلومة، فقد صدرت توجيهات وزير الداخلية بسرعة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة في أسرع وقت. وأضاف المتحدث أنه برغم شُح المعلومات وندرتها أسفرت الجهود المتواصلة من كافة الأجهزة الأمنية عن فك طلاسم القضية، ما مكن إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة المنطقة من إسدال الستار على الواقعة، بعد جهود ميدانية متواصلة على مدار الساعة وتحديد الاشتباه في ثلاثة متهمين (مواطنين في العقدين الثالث والرابع من العمر)، وضبطهم في كمين محكم. وأوضح المتحدث في شرطة الرياض أن الجناة دلوا على موقع السيارة التي ظهرت في المقطع، وبتفتيشها عثر بداخلها على أداة الجريمة وزجاجة مسكر، وبسماع أقوالهم أقروا بما نسب إليهم، كما أقروا بسرقة المركبة بالقوة الجبرية بقصد التمويه أثناء ارتكاب جرائمهم. وأضاف المتحدث أنه تم إيقاف الجناة في مركز الشرطة المختص بغرض التوسع في التحقيق في القضايا المقيدة ضد مجهول، وإشعار فرع النيابة العامة بالمنطقة.