عن جيلي أتحدث، فقد ضاعت مئات الفرص للتنمية الحقيقية في زمن مضى. زمنٌ فرطت فيه قيادات إدارية في أبسط أحلامنا بوجود مصنع، وحديقة ومستوصف للحي وجامعات في أطراف الوطن. كما حلمنا بفصل دراسي يعي إنسانيتنا.. وحتى الرصيف الذي يمكن لنا أن نسير عليه مطمئنين.. حلمنا ببطل يمدّه لنا، ويغرس على امتداده مورق الشجر، لنسير عليه مُنتشين.. ولم يتحقق الحلم. فهل من العيب أن نحتفل بقمع وائد أحلامنا، وقاهر تطلعاتنا على مدى عقود؟ أمِن الخطأ أن يحتفل شعب بقمع الفساد؟! الناس سمعت.. وسكتت! رأت.. وتغاضت! الناس آلمها الفساد مرة تلو مرة.. وتسامت. وللناس اليوم كل الحق في أن تحتفل.. بل وتبارك حملة سامية لا تعترف بمفهوم «الحصانة». نعم أطلق وطني هيئة لمكافحة الفساد قبل أعوام، ولكن بقيت «الحصانة» سورا منيعا أعاقها حتى عن محاسبة من يصرخون فينا ويقولون «نحن فاسدون» وأرني ماذا أنت فاعل!.. سكتنا حتى أغرق عروسنا السيل.. والمدعوون الذين حضروا احتفال الغرب بأمطار الشتاء سيرا.. غادروها جثثا هامدة. يا وطن.. شكرا لصبرك! فكثيرا ما أعادنا الفاسدون خائبين.. وكم سخروا من أحلامنا وضحكوا مجلجلين! الفساد ليس إلا صنيعة فاسد.. فلا فساد من العدم! لا أدري إلى أي حماقة يستند الفاسد، ويستمرئ الظن أنه بمنجاةٍ عن المساءلة! كيف وأنت تسمع من يقول: «لن نضيع 30 سنة أخرى من حياتنا في التعامل مع أي أفكار متطرفة، سوف ندمرهم اليوم، لأننا نريد أن نعيش حياة طبيعية»، والحديث من ولي أمر عن هامة تنامت بحجم (صحوة)، فمن أنت حتى تظن أنك مُحصّن أكثر من فكر الصحوة الظلامي ورموزه؟ لا لست مُحصنا أيها الفاسد.. اعلم هذا جيدا، فلا مخبأ لك اليوم. الفساد في مرمى البصر.. وبدأ البارحة في التعرّي.. وسيفقد غدا آخر ورقة توت تستر خيبته.