أثار الإعلان عن تأسيس لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حالة من الارتياح في مختلف الأوساط التي رأت أن هذا القرار يؤكد الجدية في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية التي انطلقت منذ العام الماضي فيما عرف باسم رؤية 2030، والواقع أن التصدى للفساد سواء المالي أو الإداري يعد البداية الصحيحة للنجاح في الإصلاحات، ودونه لن تقوم للوطن أي قائمة؛ لأنه ينخر في مكونات ومكتسبات الدولة والوطن ولا يتركها إلا معدومة القيمة، ولا شك أن وجود ولي العهد على رأس اللجنة يعد ضمانة رئيسية لنجاحها، في ظل ما عرف عنه من فعالية وحسم في معالجة القضايا، وإذا كنا على قناعة تامة بصعوبة اجتثاث الفساد من جذوره كليا، إلا أن الإجراءات التي اتخذت أخيرا، ضد أمراء ومسؤولين ووزراء ستجعل الجميع يفكر أكثر من مرة قبل الإقدام على الفساد والإضرار بمصالح بلاده، ولعله لا يخفى على أحد أن مخاطر الفساد لا تقل خطورة عن الإرهاب، حيث يشيع الفساد أجواء من الاحباط واليأس في نفوس أبناء المجتمع، ووفقا لعلم النفس والاجتماع، تعد الروح والدافعية من أبرز العوامل التي تقود المجتمعات إلى الأمام، أما من الناحية الخارجية، فإن التأثيرات تكون أكبر لا سيما على صعيد مؤشرات الشفافية، وإنجاز الأعمال التي يتخذها المستثمرون في اعتبارهم عندما يقدمون على اختبار دولة بعينها للاستثمار بها، ويبقى التحدي الأكبر لمواجهة الإرهاب في الشأن الاقتصادي، فالمعروف أن الفساد يرفع من كلفة المشاريع على الدولة، ويؤدي إلى هروب الاستثمارات إلى الخارج. ولعلنا من هذا المنبر نتقدم باقتراح إلى جميع الوزارات للقيام بجردة كاملة لمشاريعها، والتعرف على أسباب تعثرها من أجل الوقوف على العناصر التي تعرقل الإنجاز في كل إدارة، وهم كثر بكل تأكيد، ولتكن البداية بوزارات الصحة والبلديات والتعليم والنقل، فالحديث عن فساد المشاريع بها يزكم الأنوف، ومن حق المواطن أن تنتصر له الأجهزة الرقابية بشفافية كما يفعل ولي الأمر؛ لأنه لا يخشى في الحق لومة لائم. [email protected]