السعودية لا تتجه نحو مزيد من الانفتاح الاقتصادي والإصلاحات فحسب، بل تسير بخطوات سريعة نحو مزيد من التغيّرات على المستوى المجتمعي، التي لم تشهدها من قبل. ولقد أوجز ذلك الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي خلال مشاركته في مؤتمر مستقبل الاستثمار أمس الأول، حين قال إن ما يجري في السعودية «تسونامي». وتابع قائلا: «لا أعلم إن تمكن العالم من فهم أهمية ما يجري في السعودية، هذا أشبه بتسونامي». لقد صدق ساركوزي.. إنه تسونامي اقتصادي اجتماعي، يقوده الأمير الشاب محمد بن سلمان، من خلال الرؤية 2030 لخلق نهضة ستبهر العالم. لم تكن مبادرة الاستثمار في المستقبل FII التي نظمها صندوق الاستثمارات العامة واختتمت فعالياتها أمس الأول في الرياض، إلا رافعة وباكورة لمسيرة الانفتاح والمتغيرات الاقتصادية السعودية التي انطلقت مع تدشين «رؤية 2030»، لإحداث نقلة في الاقتصاد السعودي بإنهاء اعتماده على النفط؛ إذ تهدف «2030» إلى خفض الإنفاق العام بنسبة 40%. الأمير محمد بن سلمان أكد في الجلسة الافتتاحية للمنتدى أنه واحد من 20 مليون مواطن، وأن المحفِّز الرئيس له هو الشعب السعودي واحتياجاته، قائلاً: إن التركيبة السكانية في السعودية، يشكِّل فيها الشباب 70% تحت سن 30 عاماً، القوة والوقود لتحقيق الأحلام. وهذا يعني أن الشباب السعودي هم ثروة 2030. ومع سياسة الانفتاح الاقتصادي والتغيير الثقافي والمجتمعي التي يتبناها الأمير محمد بن سلمان تسعى السعودية إلى زيادة وسائل الترفيه بهدف جني المزيد من الأرباح عبر النشاطات الترفيهية؛ إذ أطلق مشروع القدية في الرياض، ثم أعقبه إطلاق مشروع سياحي ضخم على البحر الأحمر من أجل تنويع مصادر دخل المملكة، إلى جانب السماح للمرأة بقيادة السيارة، الذي سيعمل على توفير مليارات من الدولارات لمصلحة المواطن، وهو الأمر الذي يعكس أيضا توجهاً جديداً أكثر جرأة لمصلحة المرأة السعودية. وهناك جانب إستراتيجي غاية في الأهمية، في إطار رؤية «2030»؛ إذ أعلنت الحكومة السعودية اعتزامها المضي قدماً في خطط بيع نحو 5% من شركة النفط الوطنية العملاقة «أرامكو» السعودية، وأعلن المسؤولون أنهم يستهدفون الانتهاء من البيع بنهاية 2018 وجمع نحو 100 مليار دولار. وإذا كانت مبادرة مستقبل «الاستثمار» التي احتضنت رجال أعمال من العالم تقدر رؤوس أموالهم ب50 تريليونا تحت سقف واحد في الرياض، فإنها في الوقت نفسه أظهرت قوة صندوق الاستثمارات السعودية الذي يشرف عليه ياسر الرميان الذي عمل خلال السنوات الماضية وراء الكواليس وبعيدا عن أضواء الإعلام ليحقق الإنجاز ويحرق المراحل لكي ينفذ الرؤية 2030، التي حرص الأمير الشاب محمد بن سلمان أن ترى طريقها إلى النور عبر مشاريع على الأرض، إذ أعلن عن تفاصيل «مشروع نيوم»، وهو المشروع الذي وصفه محمد بن سلمان بمشروع «الحالمين». وشبَّه المشاركون المنتدى ب«دافوس»، ولكنه يُعقد في وسط الصحراء، ويسلِّط الضوء على أهمية الذكاء الصناعي، والمدن الذكية. ولكن أين المواطن السعودي من هذه المشاريع، المشرف على صندوق الاستثمارات العامة ياسر بن عثمان الرميان قال في مشاركته في الجلسة الافتتاحية إن إستراتيجية الاستثمار التي يتبناها الصندوق تسعى إلى توطين التقنيات الحديثة في السعودية، من المتوقع أن تخلق أكثر من 20000 وظيفة بحلول العام 2020م؛ وهذا يعني أن الاستثمار الحقيقي سيكون في المواطن السعودي، وهذا ما أشار إليه أيضا هارفي تشاورز رئيس شركة غولد مان، خلال الجلسة أن نسبة الشباب العالية في السعودية تمنحها أصولاً ذات مصداقية وموثوقية للمستثمرين. وليس هناك شك أن مشاركة الروبوت صوفيا في المنتدى ومنحها الجنسية السعودية لتصبح صوفيا أول روبوت في العالم يحصل على جنسية وجواز سفر كان الحدث الذي خطف الأضواء عالميا.. وردت صوفيا مبتسمة: «إنه حدث عظيم بالنسبة لي أن أكون أول روبوت يحصل على أول جنسية في العالم» نعم إنه زمن الذكاء الاصطناعي. 50 تريليون تحت سقف واحد.. ودافوس سعودي.. ساركوزي .. صدقت... إنه تسوماني «نيو-مستقبل».