أوجد الله الكون بكافة إمكاناته البيئية الحيوية وتفاعلاتها الفيزيائية الميكانيكية، ثم أوجد المتفاعل الأساسي مع كل هذه المكونات وهو الإنسان، وجعل له القدرة على تكوين ردود الفعل مع هذه الإمكانات بهدف إعمار الأرض ككوكب ملائم لحياة، تضم الكثير من التعقيدات الفكرية، التي يتوصل الإنسان إلى حلها وتفكيك رموزها بشيء مما منحه الله من العقل، ورسم خطوط التداخلات المعرفية التى تبنى عليها مفاهيم جديدة، لتبرز مفاهيم أكثر، وتُحل أمور كانت رموزا لا يمكن إدراكها رغم الحاجة إليها. أكثر المجتمعات التي أولت جل اهتمامها مقدراتها البشرية وأدركت تفاوت الإمكانات لدى كل إنسان، استطاعت أن تستثمر كل هذه الطاقات نحو التقدم فبدأت بإشباع جميع الحاجات الفكرية لكافة الفئات العقلية فلم يهمش الأشخاص حتى يثبتوا بأنفسهم أنهم نوابغ يستحقون أن يعرفوا أكثر. قدمت المعرفة للجميع بقدر متساوٍ وبمركزية مقننة هدفها الرقي بمستوى التفكير البشري، وجاء حصد النتائج عن طريق التخصص وفق الميول والمهارات، وكانت نهضة المجتمعات الحضارية التي ننظر اليها بإعجاب منقطع النظير، فمنهم من خبت ضوؤه وظهر مرة أخرى، معتمدين نفس النهج في السلوك مع البشر والاستثمار فيهم ومنهم من على شأنه وتسيد الكون، المجتمع الدولي يمنح فرصة للإنسان أن ترى مقدراته العقلية النور وحتى بعد وفاته، فقد عكفوا على تحليل ما الذي يجعل شخصا كإنشتاين عبقريا، حللوا مخه بتجزئته إلى 240 جزءا لمعرفة مدى اختلافه عن غيره. ومن يدري لعل الزمن القادم يشهد ثورة في صناعة العقول العبقرية. لذلك لا بد أن يقدر الفكر ويستثمر وألا يقع المفكر تحت وطأة الإهمال لأفكاره، أو تقليل المجتمع منها، فيكون أقسى ما يكون عليه أن يحقق طموحه. فلينظر كل وطن إلى مقدراته البشرية الفكرية ليحقق النهضة التي يحلم بها.