إلى الشمال من «كركوك»، كردي مفجوع يستفهم من صاحبه، «مات جلال!»، الزعيم الذي يحب أن يناديه «البشمركة» ب«مام جلال» أو «العم جلال»، والقانوني الذي كتب للصحافة وتكلم العربية والفارسية والانجليزية والكردية، جلال الطالباني أول رئيس غير عربي للعراق، ابن «السليمانية» الذي قاد وحدة للمدرعات في الجيش العراقي، والمعارض السياسي الذي حارب «صدام» وفاوضه، ورأس العراق بعد الإطاحة به، ومات قبل أن ينفصل الأكراد بشمال العراق. جلال الطالباني مؤسس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في العراق، الرجل الذي خذله «صدام حسين» ونكث بعهده له، إبان توقيع اتفاقيه المصالحة في العراق العام 1983، بعد توصل حكومة صدام والأكراد لنقطة وسط إبان مفاوضات الاتفاقية الكردية العراقية، قبل أن يفسد «الاتراك» الاتفاقية قبل يوم من توقيعها. وعلى الرغم من حس الدعابة وعدم خلو أحاديث العم جلال من النكتة، إلا أن الطالباني كان صريحا وصادق حد الاعتراف، الأمر الذي أثبتته إجابته على سؤال «عزت الدوري» عن عدد المرات التي شارك فيها الأكراد في محاولة لقلب النظام العراقي، يقول «مام جلال» ب«كنا نحاول باستمرار تغيير النظام حتى إن مرة سألني عزة الدوري قبيل إجراء مفاوضات مع حكومة البعث وقال: بشرفك هل هناك محاولة انقلابية لم تشتركوا بها؟، فأجبته: لا والله نحن شاركنا في كل المحاولات الانقلابية ضدكم»، في دليل على شجاعة المحارب الكردي الذي كان لإجارة اجداده اجداد صدام حسين في تكريت، سبباً مقنعاً ل «العفو عنه». تاركاً خلف ظهره إقليم حارب دونه طوال عمره، حتى صنع حكمه المستقل و«مسعود بارزاني»، نده ونديمه الذي لم يختلف معه منذ أن وقعا اتفاقيالسلام الكردية العام 19أفي امريكا، بعد عامين من الحروب الداخلية الكردية، ليرحل بعمر جاوز ال83 عاماً عاش فيها الطالباني مواطناً ومناضلاً في حقبتي الملكية والجمهورية، توجها «مام جلال» بحكمه للعراق لفترتين عزله المرض قبل أن يتم الثانية، ويرحل قبل أن يشارك كما عرفه «البشمركة» في صناعة تاريخهم الذي ارتبط ماضي النضال به، وأخذه الموت منه قبل أن ينفصل اقليمه الذي أحب.