جسدت موافقة مجلس الوزراء السعودى على محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودى العراقي، حرص البلدين على تعزيز فرص التبادل التجاري والتعاون، والارتقاء بالعلاقات إلى آفاق مستقبلة واعدة، ورغبة السعودية الجادة وحرصها على فتح جميع مجالات التعاون مع العراق، خصوصا أن العلاقات التي تربط الشعبين السعودي والعراقي تعتبر علاقات متجذرة وهي بمثابة نسيج اجتماعى واحد وموروث ثقافي مشترك، يتكاملان فيما بينهما بترابط وشائج الدم والقربى والجوار. ومثلت تأكيدات نائب الملك الأمير محمد بن سلمان، على رغبة الرياض في تنمية العلاقات مع العراق في جميع المجالات وتشديده على حرص المملكة على استعادة العراق لاستقراره، وعزمها تقوية العلاقات الثنائية بما يخدم مصلحة البلدين، كرسالة مباشرة من السعودية للعراق أن الرياض لديها حماس لرفع مستوى العلاقات مع بلاد الرافدين وإعادة العراق الذي تم اختطافه من قبل النظام الإرهابي الإيراني للحضن العربي، خصوصا أن هذه التصريحات جاءت متزامنة مع افتتاح معبر عرعر الحدودي بشكل دائم مع السعودية بعد إغلاق استمر لنحو ربع قرن، وهو الأمر الذي سينعش حركة التبادل التجاري بين البلدين. ومن المؤكد أن إنشاء مجلس التنسيق السعودي العراقي سيعطي دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية والتجارية بين المملكة والعراق، خصوصا في جوانب زيادة التبادل التجاري، وتوفير فرص استثمارية في كافة المجالات، وإزالة جميع العوائق والتشجيع على الاستثمار. التقارب السعودي العراقي جاء بعد سلسلة زيارات رفيعة المستوى من القيادات العراقية للسعودية، إذ زار رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المملكة وتبعه مجموعة من المسؤولين العراقيين من ضمنهم وزير الداخلية العراقي قسام الأعرجي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وعكست خطوات تقارب حثيثة مع العراق الذي يشرف على الانتهاء تقريبا من أكبر معركة خاضها ضد الإرهاب في مواجهة تنظيم داعش. إن إنشاء مجلس التنسيق السعودي العراقي سيعمل ليس فقط على تعزيز التواصل بين البلدين على المستوى الإستراتيجي، بل تعميق الثقة السياسية المتبادلة وفتح آفاق جديدة، وتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في الشؤون الدولية والإقليمية المهمة وحماية المصالح المشتركة وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين وإتاحة الفرصة لرجال الأعمال للتعرف على الفرص التجارية والاستثمارية. وتؤدي عودة العراق إلى حضنه العربي، لممارسة دوره كدولة عربية أصيلة تحافط على مكتسبات الأمة العربية وتدافع عن قضاياها العربية الثابتة، هذه الدولة العربية العريقة التي حولتها إيران لمستنقع وبؤرة للإرهاب. وكانت العلاقات الدبلوماسية قد انقطعت بين البلدين بعد غزو صدام حسين للكويت عام 1990، واستمرت القطيعة مدة ربع قرن حتى عام 2015 حين قام العراق بتعيين سفير له في الرياض وأعادت السعودية فتح سفارتها في بغداد.