كشف رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان ل «عكاظ» أن الخصخصة جزء من استراتيجية «الهيئة» بما في ذلك خصخصة سوق عكاظ، مؤكداً أن المجتمع لم يعد يمانع النشاطات السياحية التي تنظم في مدن المملكة. أثارت إشكالات دعوات سوق عكاظ في دورته 11 ردود أفعال إيجابية من مثقفين، مولدة أفكارا عدة منها إمكان خصخصة الثقافة وتسليم السوق إلى شركة تسويقية وتشغيلية ما يمكن معه أن تتحقق المكاسب مادية ومعنوية ويتعزز حضور السوق في الذاكرة الثقافية. ويرى الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي أن الخصخصة في سوق عكاظ وغيره تتجه دوماً نحو الربحية وبيع المنتج وتحويله إلى استهلاكي أمثل، مضيفاً أن الخصخصة مفيدة في قطاعات كثيرة عدا الثقافة والفن، كون تسليع الثقافة والفن يعني تحويل القيمي إلى استهلاكي وإعلاء شأن الشكل. وتساءل ردة فيما لو تم ذلك فمن سيقبل على ثقافة أو فن جاد في ظل انعدام الربحية؟ مؤملاً أن تظل الثقافة من مشاريع الدولة المهمة لقيمتها كقوة ناعمة في ترسيخ القيم والذوق والحس الجمالي والأخلاقي والمعرفي مع دعم الثقافة ودعم الفنون وإجبار البنوك والشركات الكبرى على تقديم الدعم للمشاريع الثقافية كما يحدث في معظم دول العالم مع الحرص على وضع إستراتيجيات واضحة ومشاريع ومراكز ثقافية. وذهب الناقد عبدالله السمطي إلى أنه بالتأكيد يمكن خصخصة الثقافة، على أن يتهيأ المجال المناسب للخصخصة من خلال أبعاده التعليمية والاجتماعية، والتأكيد على قيمة الثقافة في أجيال التعليم ودورها في تعزيز الوطنية، ويرى أن الخصخصة ممكنة في مجتمع مؤهل تربويا وأخلاقيا وتعليميا لكي يتقبل العمل الثقافي بكل أنواعه من آداب وفنون وفلسفة وتشكيل وفنون بصرية وسينمائية ومسرحية، إذ دون هذا التقبل لن تكون هناك خصخصة. وأشار السمطي إلى أن الأمر الأكثر أهمية يتمثل في إعطاء المجال للمثقف أن يكون حرا في تعبيره وأدبه وكتابته ملتزما -بشكل ضمني في هذه الحرية- بقيم مجتمع وهويته وأدبياته، مضيفاً أن خصخصة الثقافة ستكون مجالا لإبراز الكفاءات الحقيقية، وتبتعد عن الروتين الإداري وعن من يعملون بالثقافة بشكل وظيفي لا بشكل إبداعي. وقال «لكن لابد أولا من تهيئة الأجواء والمناخ حتى لا تقع الثقافة في مأزق الوجاهة أو سيطرة بعض الأفراد والأسماء عليها أو توجيهها وجهة للتربح والاستثمار التجاري». من جهته، يؤكد الشاعر العماني حسن المطروشي أن «خصخصة الثقافة» تشير إلى هدف «اقتصادي»، وآخر «ثقافي»، لافتاً إلى أنه لو سعى القائمون على المهرجانات إلى إيجاد منتج ثقافي يقنع مؤسسات القطاع الخاص بالمغامرة في تبنيه وتسويقه وامتلاك حقوقه لتحققت أهداف الخصخصة. لافتاً إلى سبق مجتمعات إلى «الاستثمار في الثقافة». وقال «أرى قبل الحديث عن «خصخصة الثقافة» كليا أو جزئيا، مراجعة موضوع الاستثمار في الثقافة، إذ دون ذلك لا يمكن الحديث عن الخصخصة التي تعد هدفا أخيرا، لافتاً إلى أن أغلب الدول العربية لم تضع عنصر الاستثمار في الثقافة ضمن إستراتيجياتها وخططها، بينما قطعت الدول المتقدمة أشواطا كبيرة في مجال الاستثمار في الثقافة فتحولت الثقافة ومفرداتها المختلفة والمتنوعة (المادية وغير المادية) إلى منتجات استثمارية مبتكرة قابلة لتحقيق الربح وجلب الأموال ومحفزة للمستثمرين لضخ الأموال فيها. ودعا المطروشي إلى استيعاب أوسع للثقافة بمعانيها الشاملة ومنها الموسيقى والمسرح والسينما والغناء والدراما والتراث المادي وغير المادي، مؤملاً وضع إستراتيجيات واضحة وتنسيقا عميقا وجادا بين مختلف المؤسسات الثقافية والأكاديمية والفنية والبحثية والإعلامية لخدمة مشاريع الدول ومنها سوق عكاظ، بغية غرس ثقافة الابتكار في المجال الثقافي من أجل تحويل المنتج الثقافي إلى منتج اقتصادي، وترسيخ هذه الرؤية وتشجيع القطاع الخاص من خلال التسهيلات والقوانين المرنة ورفع يد الدولة تدريجيا، إلى جانب إيجاد الصناديق الاستثمارية التي تسهم في دعم الأفكار الخلاقة والرؤى الابتكارية في المجال الثقافي، فيما طرحت «عكاظ» السؤال على المشرف على «سوق عكاظ» عبدالله السواط، إلا أنه لم يرد ولم يعلّق على ما سمع وقرأ من أسئلة وتعليقات.