قصتان مختلفتان ولكن بينهما ارتباط مهم جدا، القصة الأولي هي قصة اكتشاف طريقة إشعال النار التي توضح بعض الأفلام الوثائقية أن الإنسان قد اخترعها من خلال مشاهدته لاحتكاك الأغصان ببعضها وحدوث الشرارة وحينها عرف البشر طريقة إشعال النار. أما القصة الثانية فأجزم أن الجميع يعرفها وهي القصة التي تحولت إلى مشاهد تمثيلية لأكثر من لغة والتي تحكي أن رجلاً جمع أبناءه وأحضر حزمة من الأغصان وفرقها بينهم، وقال لهم كل واحد يحاول كسر الغصن الذي بيده فكسروها وحين جمعها لتكون حزمة واحدة عجزوا عن كسرها. تلك القصة أخذت بالانتشار بين كل المجتمعات العربية، وحتما بأنها انتشرت بين باقي الأمم وكانوا دائما ما يشيرون لذلك الرجل وقصته، ولكن الرجل لم ينتبه إلى أمر أشد خطورة من كسر تلك الحزمة فالكسر يمكن جبره مع الوقت. فربما كان مخترع قصة الأغصان لديه ولاعة ولم يخطر في باله أن الاحتكاك هو أول اختراع بشري لإشعال النار، ولو فكر بالاشتعال لتراجع عن فكرته بالحزمة، فلو قام أحد تلك الأغصان بالتحرك حسب مزاجه دون أن ينتبه لمن هم معه في نفس الوحدة أو العائلة فإنه قد يشعل شرارة تكون بداية حرق نفسه وقد تتضرر الحزمة بسببه. كل ما أتمناه أن يفهم الجميع هذا المقال سواء كانوا أشخاصا أو دولا ويسقطه على نفسه وخصوصا الأسر التي لها شأن في حكم بلدانها فإن كان «يتحكك ويحارش جنوبه» أن ينتبه فدائما في عملية الاحتكاك تشتعل النار، ويكون أول المتفحمين هو الغصن الأضعف، فلا تحرق نفسك فتصبح على ما فعلت بنفسك من النادمين وفهمكم كفاية. أدام الله من عرف حجمه الطبيعي وسط أي حزمة، ولا أدام من يعتقد أنه غصن قوي وهو «عود ثيل» طبيعي...