في الوقت الذي يكتب فيه الإصلاح ببعض الدول سيراً تُغذيها محابر الدم! منذ ثورة إيران 79 والتي لو عرف ضحاياها الذين قدَّموا أرواحهم مهرا باهظا «لجمهورية» يُزف فيها نظام الملالي «البائس» عريسا؛ لبكوا حسرة وندماً حتى آخر قطرةٍ سالت من دمائهم!.. وقبلها روى لنا التاريخ سيرا من «مآتم» الإصلاح الصلب المخضب بالدماء يطول سردها، فمن جرائم ليون تروتسكي فيما كان يُظن أنها ثورة للجياع للتحول إلى قتل ثلاثة عشر مليوناً من الأبرياء في روسيا، إلى إنجلترا العظيمة التي اكتشف المصلحون فيها يوما؛ بعد حفلة الموت أيام تشارز الأول بأن كرمويل ليس لديه ما يقدمه إلا وجبات أخرى من الموت تحت عباءة الإصلاح والانتصار للحريات والمدنية! لتأتي فرنسا التي لطخت فيها الثورة أزقتها وأسواقها بدماء الأبرياء فيما كان من المفترض أن يكون زفة إصلاح لتتحول إلى ليلة عزاء سوداء كاحلة السواد لمئات الألوف لأكثر من ثمانين عاما قضاها الفرنسيون الشرفاء لإيقاف المزيد من حفلات الدماء قبل أن تصل فرنسا لما وصلت له اليوم!.. وتاريخ الثورات في الدول من حولنا يعيد كتابة نفسه بكل أمانة وقسوة!. قبل أيام كنت أتأمل مثل هذه الأحداث بينما أستمع لقرارات المصلح والوالد سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله– في الأوامر الملكية التي جاءت لتكمل سيرة إصلاح السعودية، منذ الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وقبله ملوك سبقوا إرادة شعوبهم في بلدي السعودية، أتأمل مثل هذه القرارات وأنا أقرأ في وسائل التواصل الاجتماعي أسئلة الجيل الشاب من أبناء وطني ممن هم في العشرين عمراً؛ تساؤلات يطرحونها، بعد كل قرار ملكي يصدر بإصلاح مؤسسات الدولة: (ما فائدة هذا القرار؟) وكنت أردد دائما بكل اقتناع: نحن -والله العظيم- محظوظون بملوك يسابقون إرادة «أكثرية» شعوبهم وطموحهم في إصلاح الدولة. وبينما نحن في بيوتنا ننعم بالأمن ورفاهية الاستقرار يسري «الإصلاح الناعم» في عروق دولتنا ويبعث في مؤسساتها الحياة والتمدن والحداثة!. وإنني ومن في عمري من شباب هذا الوطن الكبير أمام مسؤولية كبيرة لتثقيف الأجيال بأهمية الاستقرار والأمن فبدونهما لا يتنفس الإصلاح ولا يصح بل يصبح وبالاً وآلة للفساد والقتل والظلم!. أقولها ولن أقف عن ترديدها دعونا من دعاة الموت على عتبات الجهل بما يسمى زورا «الإسلام السياسي» أو أي دعوات أخرى تختلف بالمسميات وتتشابه بالأهداف!! فلدينا بلد مسلم ولدينا قيادة تصحح وتسبق إرادة السواد الأعظم من شعوبها على التغيير والإصلاح الناعم. أخيرا أختم بالقول إن الأوامر الملكية التي استهدفت مؤسسة القضاء والقانون وهيئة التحقيق والادعاء العام وتحويلها إلى «نيابة عامة» والحيثيات «الواعية» التي وردت وقرأناها في القرار وما جاء قبله من إصلاحات تتعلق بتمكين المرأة والمؤسسات التنفيذية الأخرى بالدولة، وما سيأتي تباعا -بإذن الله- يجعلني شخصيا أنام قرير العين بأننا نسير بالشكل الصحيح وفي دولة تستمع دون -طلب من أحد- لصوت الإصلاح الهادئ وتختار وقته وزمانه. [email protected]