يستخدم مفهوم «الخصوصية» تعبيرا عن الثقافة الخاصة بمجتمع ما، وكمبرر لعدم تحديث المجتمع في أحيان أخرى، بالرغم من أنها سمة حضارية لها مدلولاتها الفلسفية والاجتماعية، وهي أساس يميز كل مجتمع عن غيره. تتوارث الأجيال ما وجدته من لغة وعقائد وقيم، ثم يأتي التعليم ليتكفل بالإعداد المهني وتهيئة الفرد لمتطلبات الأعمال المختلفة، لكنه لا يؤثر كثيرا على البنية الاجتماعية بما فيها من قيم وأخلاقيات متشكلة من الثقافة التي سبقت التعليم في الوعي العام وعملت على تكييفه بما لا يخرج عن أدبياتها، وفي بعض المجتمعات يعتبر التعليم إحدى الأدوات التي تكرس البنية الثقافية الموروثة، رغم أننا نعول عليه الدور الأكبر في هذا الشأن. المشكلة أن هذه الخصوصية إذا عوملت على مبدأ الاعتداد بالذاتية والاعتزاز الكامل؛ تعمي الناس عما فيها من نقائص، وتمنحهم الثقة العمياء حول ما يكونون عليه من معتقدات وعادات ومفاهيم سائدة، وهذا من أهم العوامل التي تجعل التخلف في بعض المجتمعات موروثا، والذي يتشكل في رفض كل فكرة من شأنها أن تضع المجتمع في مكانة أفضل، فيأتي التجاهل لما لدى المجتمعات الأخرى من المزايا التي يمكن الاستفادة منها، يرونها في غاية الإبداع ولكنهم لا يقبلونها على أنفسهم، لأن خصوصيتهم تلونها بالقبح.! إن المسألة تبنى على السعي في الخروج من الحتمية الثقافية لمفهوم الخصوصية وتعزيز مبدأ الانفتاح الفكري على أساليب التبادل الثقافي وتفعيلها في تعليم المجتمع وعمله المؤسسي لخلق أجيال أكثر إيجابية، فلا يوجد شيء ثابت حين يكون التغيير سنة كونية، فينبغي أن نجعل من خصوصيتنا عاملا للبناء وليس للتخلف. [email protected]