رغم أن قطر غردت طويلا وكثيرا خارج السرب الخليجي والعربي بسياسات خطيرة، إلا أن الأزمة الحالية كشفت حجم وحقيقة ما كان متواريا على مدى سنوات، وقد حاولت المملكة مع بقية الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي بحكمة عالية وصبر شديد، أملا أن تصوب قطر بوصلتها المنحرفة وتعود لرشدها، لكن فاض الكيل أو بتعبير معالي وزير الخارجية عادل الجبير (طفح الكيل) خليجيا وعربيا من السياسة القطرية وأبواقها الإعلامية التي تشق الصف وتضرب الاستقرار، وخيوطها الخبيثة مع إيران ومخططها التوسعي، واحتضان عتاة ودعاة التطرف والجماعات الإرهابية كالإخوان وأزلامهم، وتمويلاتها المالية لذئاب وخلايا نالت من الأمة والعالم. ليس جديدا أن توصف السياسة القطرية بالازدواجية إلى حد الانفصام بخلق التناقضات واستهواء اللعب عليها، ومن ذلك وجودها في التحالف العربي بقيادة المملكة لنصرة الشرعية اليمنية، وفي نفس الوقت تقوض قطر خطط وجهود التحالف بدعمها للحوثيين وجماعات الإرهاب في اليمن، والإمعان في زعزعة استقرار البحرين ومصر، وكذلك ليبيا التي تحولت إلى مستنقع للإرهاب يضرب في كل اتجاه. الأزمة الحالية بالفعل أخرجت الكثير مما كان خافيا تحت السطح وتحت الطاولة السياسية إلى تورط واسع ضد المملكة ودول المنطقة، وبدلا من أن تدرك القيادة القطرية خطأ سلوكها المعادي للمملكة وترابط مجلس التعاون والأمة، لا تزال سادرة في غيها، وما خفي أخطر وأبشع ربما يتكشف مع قادم الأيام إذا ما استمر الشطط القطري. أورام السياسة القطرية انفجرت بعد قمم الرياض، خاصة القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي جمعت أكثر من 50 دولة على محاربة الإرهاب وقطع دابر تمويله من قنوات قطرية شتى. لذا وحتما يجد الشعب القطري الشقيق نفسه أمام أسئلة مؤسفة: لماذا وكيف وصلت بلاده بيد قيادته إلى عار التآمر والعزلة السياسية والتدهور الاقتصادي والتنموي في كل مجال؟!. مشكلة قيادة قطر المارقة كحال كثير من البشر، عندما ظنت أو توهمت أن تضخيم دورها وتأثيرها لا يكون إلا على حساب الغير والتآمر عليه وحملات التشويه عبر فضائيات مملوكة، وتمويل صحف مسمومة وشبكات ومنصات إلكترونية سخرتها في الإساءة والتآمر. منحنى الأزمة لا يزال يكشف ويصهر ويفضح حقيقية الدور القطري الذي اختار أن يكون ربيبا للغواية الإيرانية وراعيا للإرهاب، وعندما ينتهي الدور ستصبح القيادة القطرية وبلادها رهينة لمصيدة الإغواء والابتزاز الإيراني وأطماعه، وأيضا ستدفع فاتورة ارتدادات جماعات الإرهاب عليها عندما ينقلب السحر على الساحر. بالقطع أمر مؤلم أن يعاني الشعب القطري الشقيق الذي تحرص عليه المملكة، لكنه يدفع ثمن سياسة قيادته التي زجّت به وببلاده إلى هذا المنحدر والنفق المظلم من مستنقع العداء مع مملكة الخير وشقيقاتها في الدول الخليجية والعربية التي اكتوت بتلك السياسة الرعناء، لكن يبقى الشعب القطري عزيزا. السياسة القطرية ليس أمامها خيارات إلا العودة إلى جادة الصواب قبل فوات الأوان، وقد أدرك الشعب القطري الشقيق الثمن الباهظ سياسيا واقتصاديا ومعنويا لعناد قيادته صوب طهران ورعاية الإرهاب وجماعاته. حقا نعيش عصرا عجيبا في أزماته وآلامه.