من العبارات التحريضية على العمل الإيجابي تلك العبارة الخالدة التي تقول: «بدلا من لعن الظلام، أضئ شمعة»، فالعمل بإيجابية، مهما كان بسيطا ومحدودا هو خير ألف مرة من الركود والاكتفاء بالتذمر والشكوى. واليوم أشعر بالسعادة والرضا، لأني عرفت أن الأمهات اللاتي طلبت منهن في مقال سابق أن يتحركن ضد ما وجهته مدرسة أولادهن من إهانة للأمهات، عندما أعلنت عن عدم قبولها أي خطاب موقع من الأم يتعلق بشأن أبنائها! الأمهات تحركن ليس بدافع من المقال، وإنما بدافع من ذواتهن من قبل أن ينشر المقال، وهذا ما أسعدني أكثر! فذلك يدل على أن نسبة الوعي عالية بين الأمهات، وأنهن لم يكن سلبيات كما بدا لي من قبل. لقد بادرت الأمهات إلى مراجعة إدارة تلك المدرسة مبديات استياءهن من ذلك الإعلان المخزي، وقابلت الإدارة احتجاجهن بالاعتراف بالخطأ الذي وقعت فيه وعمدت إلى سحب إعلانها والاعتذار للأمهات العزيزات! سعدت أن أولئك الأمهات تصرفن بإيجابية مطلوبة، ليس حفاظا على أفكار أولادهن من التلوث بتلك الشوائب الضارة من الأفكار التقليدية التي تلقن لهم حول المرأة ومكانتها في المجتمع، وليس لأنهن لفتن نظر المسؤولين في المدرسة إلى سوء عملهم ونبهوهم إلى فداحة ما وقعوا فيه من إساءة تربوية، جرفهم إليها الفكر التقليدي من حيث لا يشعرون، ليس لهذا فحسب، وإنما أيضا لأنهن بتصرفهن ذاك لم يكن يقدمن خدمة خاصة لأنفسهن، وإنما كن يعملن من أجل كل النساء في المملكة. فشكرا لهن على سعيهن نحو تغيير وجهات النظر البالية المتعلقة بمكانة المرأة، وشكرا أيضا على تقديمهن هذا الدرس النافع للجنسين معا، حول أهمية عدم الصمت أمام بخس الحق أو التعرض للإهانة، فالتحرك الإيجابي هو مفتاح النجاح في كل شيء، وهو أولى الخطوات نحن بلوغ الأهداف. كثير من حالات الظلم والتنمر والابتزاز، تستمر طويلا لأن الضحية يبدي ضعفا واستسلاما، ويلوذ بالصمت، ربما خوفا وتفاديا لوقوع ما يظن أنه أسوأ. أخيرا، ما حدث يمثل رسالة توعوية موجهة لكل امرأة تحترم نفسها، وتؤمن بأن الله حين خلقها جعلها ذات أهلية كاملة لها مثل الذي عليها، وأنه ليس من حق أحد إهانتها والانتقاص منها أو بخسها حقا من حقوقها.