أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى أن السلام مقصدًا عظيمًا في دين الإسلام لا يتحقق بمجرد نظريات تطرح، وحواراتٍ عابرةٍ تُدار من حين لآخر، بل لا بد له من أثر ملموس، يسبقه عمل صادق فعَّال وفق مؤهلات السلام الحقيقية التي تنبع من حب الخير للإنسانية دون أي مطامع دنيوية . جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال فعاليات مؤتمر الأزهر العالمي للسلام الذي اختتمت أعماله أمس في القاهرة . وقال معاليه : " لا سلامَ إذا ازدوجت المعايير، ولا سلام وقد هيمنت القوة بمنطق المادية وحده، فإذا لم يَسُدْ حِيَادُ العدالة ضاق بالسلام المكانُ والتمس غيرَه، ولا سلام إلا بصفاء الوجدان، ولا سلام إلا بتسامُحٍ ووئامٍ، لينبُذُ خُلُقَ الكراهية البغيض، ويغرِسُ المحبة، ويحيل الأنانية إلى بذل وتضحية " . وأضاف: " إن للخالق مُدَبّرِ هذا الكون نظامًا مُحكمًا، جَهِلَهُ كلُّ من طغى في ماديته ووحشيته، وجَهِلَهُ كلُّ من جعل السلام سلعة بين يديه، ومن إِحْكَام هذا النظام الرباني حلولُ دائرةِ السَّوء على الظالم وإن استدرجته الحكمة الإلهيةُ زمنًا، وقد جعل اللهُ لكلّ شيءٍ قدرًا ". وثمن الدكتور العيسى أهمية هذا المؤتمر الذي يُسهم من خلال الوزن الكبير لرسالته العلمية والفكرية مذكرًا بقيم السلام، ومنبهًا من مخاطر تفويته في زمن لم يَعُدْ يحتمل المزيد من المعاناة والآلام، خاصة وقد قابل شؤمَ التطرف الإرهابي تطرفٌ مضادٌّ، وخطابُ إقصاءٍ كارهٍ، أنتج سطحيةَ بل مجازفةَ الإسلاموفبيا، وحَكَمَ بمعايير عشوائيتِهِ وكراهيتِهِ على مليار وستمائة مليون مسلم . وبين أن خطأ التشخيص، وخطأ المعالجة، يقودُ لفصل تاريخيٍّ جديدٍ من الصدام الحضاريّ، داعيًا إلى التسليم الإيجابي بالفروق الطبيعية بين البشر المفضية إلى الإيمان بسنة الخالق في الاختلاف والتنوع والتعددية، وأن ليس للتطرف والإرهاب مدرسةٌ دينية معينة، وأن عناصره تشكلت مؤخرًا من 100 دولة، جنَّد منها 45 ألفَ مقاتل، من اتجاهات فكرية متعددة ذات هدف واحد وعدد منهم ولد ونشأ وتعلم في بلاد غير إسلامية. ونوه بدور السياسة في إذكاء فتيل الإرهاب أو إطفائه؛ مشيرا إلى أن ضعف دَوْرِها يجعل استراتيجية التطرف تتصاعد فيها العاطفة الدينية السلبية داخل نفوس أغرار سُذج، يَسهل استدراجُهم بأهازيجَ حماسيةٍ وصيحات وعظية، وهو ما أفرز لوثة الإسلاموفبيا، أو في تدابيرِ مساوئ البراقماتية، التي لم تُعِرْ للعدالة بمعناها الشامل قيمة، وقد جعلتْ من قاصرِ الوَعي والنظر أهوجَ صائلًا، متدثرًا زوراً برداء الدين .