البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    ماجد الجبيلي يحتفل بزفافه في أجواء مبهجة وحضور مميز من الأهل والأصدقاء    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    على يد ترمب.. أمريكا عاصمة العملات المشفرة الجديدة    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    الشركة السعودية للكهرباء توقّع مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل في مجال الطاقة المتجددة والتعاون الإقليمي في مؤتمر COP29    محترفات التنس عندنا في الرياض!    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    صحة العالم تُناقش في المملكة    المالكي مديرا للحسابات المستقلة    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    أسرة العيسائي تحتفل بزفاف فهد ونوف    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    أكبر مبنى على شكل دجاجة.. رقم قياسي جديد    استعادة التنوع الأحيائي    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    لاعبو الأندية السعودية يهيمنون على الأفضلية القارية    «جان باترسون» رئيسة قطاع الرياضة في نيوم ل(البلاد): فخورة بعودة الفرج للأخضر.. ونسعى للصعود ل «روشن»    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أجواء شتوية    المنتخب يخسر الفرج    رينارد: سنقاتل لنضمن التأهل    ترامب يختار مديرة للمخابرات الوطنية ومدعيا عاما    قراءة في نظام الطوارئ الجديد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    «الحصن» تحدي السينمائيين..    الرياض .. قفزات في مشاركة القوى العاملة    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    التقنيات المالية ودورها في تشكيل الاقتصاد الرقمي    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    العريفي تشهد اجتماع لجنة رياضة المرأة الخليجية    الذاكرة.. وحاسة الشم    السعودية تواصل جهودها لتنمية قطاع المياه واستدامته محلياً ودولياً    أمير المدينة يتفقد محافظتي ينبع والحناكية    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«عكاظ» تمد جسور المعرفة وتنبش الأفكار بين دفتَيْ «كتاب»
في بادرة للخروج عن «التابو» الصحفي
نشر في عكاظ يوم 23 - 04 - 2017

وفي أولى فعاليات المناسبة جاءت ندوة «كيف صنعني الكتاب؟» وتحدث فيها محمد علي فرحات وسعيد السريحي وعلي العميم وعبده خال، وأدارها الزميل هاشم الجحدلي. استفتح كلمته سعيد السريحي التي حملت عنوان «في هجاء الكتاب» بقصة تهجو القراءة، ليخرج منها بتعريف «فعلا يفضي إلى حجبنا عن رؤية الواقع الذي نحياه، ويحد من قدرتنا على التعايش مع هذا الواقع بما يغرينا به من عالم افتراضي نتوهم أنه يجعلنا أكثر قدرة على تفهم الواقع، بينما هو يسلبنا براءة التعايش ودهشة التجربة التي يحظى بها أولئك الذين نراهم لا يقرأون ونظن أنهم لا يتفهمون الواقع بنفس درجة الوعي التي نتفهمها به، متناسين أننا لا نملك السعادة التي يمتلكونها».
وقال السريحي «إنه وحين لا يكون لنا مناص من مواجهة هذه الحقيقة لا نجد ما نعبر به عن إحساسنا بالحسرة إلا أن نستعيد بيت المتنبي (ذو العقل يشقى في النعيم بعقله)، وما كان لذلك العقل أن يصبح سببا للشقاء لولا أنه وليد القراءة التي حجبته بعمى حرمه متعة الحياة فلم ير فيها إلا شقاء».
وأضاف «حسنا.. أعرف أنكم قد تعتقدون أن آخر مناسبة يمكن أن يقال فيها ما قلت هي هذه المناسبة التي يحتفي فيها العالم بالكتاب وبالقراءة، غير أني أعتقد أنها هي المناسبة المثالية لقول ذلك، فإذا لم يكن لنا بد من أن نهجو الكتاب فلنفعل ذلك في حضرته، في يوم عرسه، وعلى طريقة البدو الذين يختارون أفراح خصومهم لنيل الثأر منهم».
وتساءل السريحي قائلاً«هل ثمة ثأر بين الذين وقعوا في براثن القراءة والكتاب؟ أعرف أنه ليس بمقدوري أن أقنعكم بحجة جامعة وأعرف أنكم لن تغفروا لي هجاء الكتب ما دمتم ترون أن هذه الكتب هي التي طورت البشرية وصنعت التقدم، ولكم الحق في رؤية ما ترونه، غير أني أتمنى عليكم أن تتذكروا أن كل الكتب منذ أول سطر محفور على جدار الكهف حتى آخر سطر مرقوم على الحاسب الآلي، لم تستطع أن تنقذ البشرية مما نراها عليه اليوم، إذ يتقاسمها الفقر والجوع والمرض والقتل والتشريد والإرهاب والأنظمة الفاسدة».
فيما سرد علي العميم قصة البدايات الصحفية بعد أن دفعه ولعه بالمهنة للتوجه إلى دراسة الصحافة، ليبدأ بعدها في التحقيق الصحفي الذي مهد له الطريق إلى مجلة اليمامة، ويقول «في أثناء دراستي الجامعية وبداية عملي الصحفي في مجلة (اليمامة) وبعدها في سنوات احترافي مهنة الصحافة في جريدة (الشرق الأوسط) لم أكن أتوقع لنفسي أن أكون في يوم من الأيام باحثاً».
وقال عن القراءة «هي بالنسبة لي شغف وهواية وبمرور سنين العمر، أصبحت عادة لا أستطيع الانفكاك منها أو الاستغناء عنها»، مؤكداً: لسنين طويلة كنت أقرأ في كل شيء وعن أي شيء حتى الكتاب الرديء كنت أقرأه، ولقد تجاسرت فقرأت بعض الكتب العلمية، مع علمي بأنني كنت رديئا في فهم المواد العلمية، على نحو متفوق!.
واستدرك العميم عن مقولته في قراءة كل شيء وعن كل شيء قائلاً «أقلعت إلى حد كبير عن ذلك في المنتصف الأخير من تسعينات القرن الماضي، وما عدت أقرأ في موضوعات تبين لي أن موهبتي ضعيفة فيها»، مرجعاً بداية تفكيره بأن يكون باحثاً إلى الفترة بعد صدور كتابه (العلمانية والممانعة الإسلامية: محاورات النهضة والحداثة) وهو الكتاب الذي جمعت فيه بعض لقاءاتي الصحفية مع مثقفين عرب المنشورة في مجلة اليمامة وجريدة الرياض والشرق الأوسط، مضيفا «لقد رأيت أن بعض الذين كتبوا عنه في بعض الصحف العربية أسبغوا علي صفة الباحث، وكنت وقتها أرى أن أعمالي الصحفية تقدمني على أنني صحفي مثقف، لكن لم أر أنني باحث، الاستعداد كان موجوداً عندي لكنه كان مطموراً».
وفي نهاية حديثه الذي وصفه ب «المكتوب على عجل» قال العميم «إن من صنع ثقافتي هو الكتاب والمجلات الدورية والفصلية والشعرية، والمجلات الأسبوعية والتلفزيون والمذياع».
واعتبر محمد علي فرحات عنوان الندوة «سؤالاً شاملاً قد يستغرق الجواب عليه كتاباً خاصاً، لأنني من جيل يألف الورق المطبوع، ويأنس به، ويتفاعل مع جمالياته في الشكل واستفزازاته في المضمون. ذلك كان قبل وسائل التواصل الحديثة والتكنولوجيا التي تسبقنا ولا نكاد نلحق بها».
وقال «أجيب وأوجز مع ملاحظة مبدئية، هي أن قراءة الكتب كانت مصحوبة بقراءة المجلات الأدبية والفكرية، حين كان النقد قادراً على الإحاطة بالنتاج الجديد، ومنبّهاً الى مواطن الأهمية فيه، ومحذّراً مما يعتقده الناقد مضراً بالعقل والنفس. كان الناقد آنذاك رجل معرفة وإرشاد في آن واحد، حالة تشبه ما نتمنى أن يكون عليه الدعاة الذين يكتفون بالمدح واللعن فينفضّ الناس عنهم».
وشدد على ضرورة مشاهدة المسرح ذي الأصل الأدبي مع الكتب، «والفن التشكيلي الذي يعبر بالخط واللون وتطويع الكتلة الصماء، والموسيقى بمستوييها الكلاسيكي والفولكلوري مع ما يمكن أن يصحبها من غناء، ولا ننسى السينما التي تجمع على الشاشة فنوناً متنوعة».
وأشار إلى أن القراءة هنا تتعلق بالكتب بقدر ما تتعلق بالرؤية والسماع، ومعهما أحياناً حركة الجسد التي تنتقل من المتحرك على المسرح إلى المشاهد المتجاوب.
ورأى من حسن حظه أنه ولد في بيروت ونشأ فيها كونها «وفتوّتي خليطاً سكانياً وخليط لغات، لا يمنعها بقدر ما يؤهلها لتكون العاصمة الثقافية للمشرق العربي، ففيها يتم اعتماد الأديب أو الرسام أو الموسيقى أو الممثل أو المغني الآتي من فلسطين وسورية والعراق، ليس بالضرورة من أقرانه اللبنانيين المكرّسين، إنما أيضاً وربما في المقام الأول من أقرانه العرب الذين أقاموا في بيروت واعتبروها عاصمتهم كمثقفين».
واستدرك عبده خال على أبي الطيب المتنبي مقولة «خير جليس في زمان كتاب» قائلاً «هل لي أن أستدرك على أبي الطيب المتنبي مقولته التي ذهبت ماء في مجرى العقول صانعة أخدودا شق ردحا طويلا.. إلام تنبه عبقرية المتنبي لهذا الخطأ الشنيع؟»
وأضاف «أما أنا فقد اكتشفت أن صحبة الكتاب ليست آمنة، فكل كتاب يقودك إلى الجحيم، ما لم تكن جلدا لتعبر مفازة الأفكار للوصول إلى قناعتك الخاصة. إذ لازمني هذا الشعور في السنوات المتأخرة من القراءة عندما تنبهت لحقيقة أن نصف المعرفة هي الجحيم وأخذت أنزع نفسي من ذلك الجحيم».
واعتبر أن كل كتاب «يهز نخلة يقينك ويسلمك لطريق جديد»، موضحاً أن مقولة أبي الطيب المتنبي صادقة عندما «تجالس كتابا يقدم لك ثقافتك السائدة فيكون خير جليس، أما إذا انفتحت على أفكار يبدأ القلق عندما تنتقل من الثقافة إلى أفكار أخرى ينشأ القلق، من أنا؟ من هو الآخر؟ ما معنى العدالة، الخير، الجمال؟ هنا تهتز قناعاتك فكل ثقافة أنتجت أفكارها في كتاب ليصل إليك في منطقتك الرخوة ويجرفك من مكانك المستقر».
ولأنه يقف على الآراء المحتدة والمتناقضة من خلال كتابة الشخصية الروائية، وجد عبده أن لكل رأي حجته التي تمنحه إيمانه الخاص وهذه الشخصيات هي «نتاج كتب.. كتب عدة منها العميق ومنها السطحي وكل منها كان نتاجا لكتاب ما، لذلك جاءت جملة (كل فِكر هو فخ لمن ضل عن إيمانه الخاص) جاءت تلك الجملة في رواية ترمي بشرر».
وشدد على أن الكتاب «يمنحك ثقافة متغيرة وكلما أبحرت في الأفكار كلما كنت في مناخ بحري تتعالى موجاته أو تنخفض إلا أنك لا تكون في المكان الواحد في إبحارك»، مضيفاً «وكل كتاب يزودك بالأسئلة لكي يدفعك لكتاب آخر، هنا يتعدد المعلمون وكل منهم تسكنه شبكة عنكبوتية من الأفكار ولن تستطيع معهم صبرا إذا كانت ثقافتك في السائد، وما اضطراب موسى أمام الرجل الصالح إلا تمثيل مبسط فيما يحدثه الكتاب من ارتجاج وعدم اتزان (هذا إذا اعتبرنا الرجل الصالح كتابا يكتب مداده بالأفعال غير المألوفة في ثقافة موسى ويمكننا مناقشة وضعية موسى كثقافة سائدة والرجل الصالح كثقافة متحركة، فالشاذ يغدو قاعدة في زمن آخر وعلم آخر )».
وتساءل في آخر كلمته «هل صنعني الكتاب أم جعلني راحلا ومقيما؟ راحلا في أفكار ومقيما في أفكار.. الكتاب حولني إلى رحالة عظيم لم يستطع اكتشاف عالمه؛ كون هذا العالم له عشرات الصور وكل صورة لها الحجة في أن تكون هي الحقيقة، وهذا هو الجحيم».
احتفاء بيوم الكتاب العالمي، حرصت صحيفة «عكاظ» على الاحتفاء بخير جليس مساء أمس (السبت)، مستضيفة أكثر من 120 مثقفا وشاعرا وفنانا، في بادرة هي الأولى من نوعها لمؤسسة صحفية سعودية، ما يمد جسور المعرفة، ويساهم في تلاقح الأفكار.
ولإيمان «عكاظ» بأن متابعة الحدث لا تقل أهمية عن صناعته، وهو المنهج الذي تترجمه الصحيفة على الأرض واقعا، تظل مقولة رئيس التحرير جميل الذيابي «الصحيفة التي لا تؤمن بالكتاب.. لا تعول على رصانتها»، تداعب حواس منسوبيها، وتلهم عطاءهم، وتحث خطاهم نحو مزيد من الإنجاز لاكتمال هذه المناسبة. متوخين أن يظل شعارها «ضمير الوطن.. صوت المواطن» دليل لحمة الوطن مانح الحياة، والمواطن ناقش التطلعات وصانع الإنجازات. وشهدت المناسبة توزيع أكثر مجموعة كتب من إصدارات نادي الطائف الأدبي، ونتاجات أخرى، كما وقع أكثر من 20 مؤلفا كتبهم، وتم توزيعها على الحضور.
السريحي.. ثقافة خارج الصندوق.. بلاغة الفكرة
«عكاظ» (جدة) okaz_culture@
لا يزال الناقد سعيد مصلح السريحي محط جدلٍ، إذ يشتعل النقاش فور وصوله في المناسبات الثقافية، منذ أن لمع اسمه في مشهد الثمانينات الثقافي من القرن الماضي كون ابن الرويس أحد أهم منظري حركة الحداثة الأدبية، قائد المعارك الثقافية، وماهرا في السجال مع خصومه، ما دفع جامعة أم القرى أن تسحب شهادة الدكتوراه كونه أحد الأقطاب السجالية.
ولم يكن حضوره في النادي الأدبي الثقافي بجدة، إلا رمزا لحقبة تلقي بظلالها على الوقت الحاضر، إذ يدير الحلقة النقدية التي تعد أكثر الجلسات جرأة، وقوة، وجسارة في الطرح، ما جعلها جلسة نخبة النخبة، ودفعها إلى أن تكون محط مراقبة الصحافة الثقافية، خصوصا أن السريحي ضبط إيقاع المشهد الثقافي في الفترتين الثمانينية والتسعينية عبر صحيفة «عكاظ».
عرف ابن الرويس ببلاغته بين المثقفين ما يضفي على الفكرة جمالية قلما يجدها المستمعون في المحاضرين الآخرين، ما أكسبه شعبية البلاغة، ولقب ب«بليغ الثقافة السعودية»، ولا يغفل المهد الثقافي أن ابن الرويس حاضر في عواصم عربية وأوروبية، وعضو تحكيم جائزة بلند الحيدري، وجائزة الطيب صالح، وجائزة محمد حسن عواد، وجائزة محمد الثبيتي، وجائزة صدام حسين في دورة سنة 1989.
وكتب كتبا عديدة في مجالات عدة منها «غواية الاسم؛ سيرة القهوة وخطاب التحريم»، و«الرويس»، و«الكتابة خارج الأقواس» ديوان شعر. كما له زاوية يومية في جريدة «عكاظ» بعنوان (ولكم الرأي).
فرحات.. «شاعر التخوم» شرب الأدب بكوب الصحافة
«عكاظ» (جدة)
من قضاء صيدا وفي وقت بدأ العالم يستيقظ من «عتمة الرعب» في الحرب العالمية الثانية، خرج محمد علي فرحات الأديب الشاعر والصحفي السياسي المعروف الذي رافق اسمه كبريات المطبوعات العربية تحريريا ورأيا.
مزج فرحات بأدوات الصحافة الحصيفة بين الشعر والصحافة، حتى استطاع أن يرسم لاسمه خطاً بالغ التعقيد والجمال، وأضحى محمد علي يكتب المقال السياسي بقالب نثري مبني على الصورة البلاغية والمفردة الشاعرية، في مشهد لا يجيده إلا فرحات وثلة قليلة في العالم العربي.
يحفر في النفس باحثا عن الأجوبة، ويجوب فضاءات الثقافة ب«ذا الجناحين»، متنقلا بين النقائض بحرفية عالية، فالسير في حقل الألغام لعبة الكتابة قديما في العالم العربي، يؤبن رفاقه، وينتقد «الأنا السوداء» ويخاصم جماعات الإسلام السياسي.
يقول عنه زميله الشاعر شوقي بزيع إن فرحات «منذ مجموعته الأولى (بابل العصر) شديد الاحتفاء باللغة وممتلكا ناصيتها ومفتونا بما تختزنه داخلها من طاقات وجماليات مضمرة، من دون أن يعني ذلك إشاحة عن المعنى أو وقوعا في فخ البلاغة وورطتها».
ويضيف في وصف فرحات الشاعر «الشاعر القادم من قرية عنقون الجنوبية الى ضاحية بيروت الشرقية منتصف الستينات، والذي امتلك ولعا شديدا بالقراءة والاطلاع، عرف كيف يوازن بدقة بين مقتضيات الحرفة الأسلوبية ومقتضيات التقصي المعرفي واستنطاق الأشياء، نائيا بنفسه عن الهذر والإطالة والإطناب ومتجها نحو التكثيف والاختزال وكبح جماح اللغة».
ولا ينفك عن وجه فرحات الريفي الذي كسرته الحروب، ملمح الحزن، ولكن لمعان حرفه استطاع أن يتخطى أزمة الظرف عند الكاتب، ليفجر طاقاته كتابة شعرا ونثرا، وليمتلك أدوات بلاط صاحبة الجلالة، ويحترف التعليق السياسي بمقالة ذاع صيتها عربيا.
خال.. «حكائي» عجنته الأساطير فخفق بالسرد
خالد الجارالله (جدة)
لا يمل الروائي عبده خال حمل أوزار شغفه بنسج الحكايات والهروب إليها، إلى حد تومئ إليه الحياة راغبة وراهبة، فهو الذي ما انفك يختبر هواجس الموت في كل أوراقه، وقد تخطف قطع قلبه، ومر عبر أعز الناس إليه، فالكتابة بالنسبة له نبض يخفق بالناس، وفلسفة تعبر عنهم، فليس كل سرده محضا سرياليا أو صورة متناهية الواقعية، بل إنه كان مزيجا بين هذا وذاك، وفي قالبهما معاً.
عبده الذي هرب من اسمه في طفولته قبل أن ينقشه على واجهات الكتب وأعمدة الصحف فيما بعد، نجيب مدينة جازان عام 1962، تلمس ولعه بالكتابة وهو يخط أحرفه الأولى في دراسته الابتدائية في مدرسة «ابن رشد» في الرياض التي كانت حاراتها شاهدة على حقبة من طفولته، قبل أن يكملها في مدينة جدة التي شب على رائحة بحرها، وترنم إيقاع صباها، ودفء علاقاتها المتأّصرة.
أغوته الصحافة عام 1982، فهمَّ بها وباتت المرحلة الأكثر نضجاً في حياته ولمعاناً أضفى على هويته بريقاً جاذبا مكنه من وثبة في حياته الأدبية، فلم يكن يخيل لخريج العلوم السياسية في جامعة الملك عبدالعزيز أن يصبح أحد أهم عباقرة الصحافة السعودية وكتابها البارزين في العقدين الماضيين.
كتب خال مجموعة من الأعمال الأدبية أبرزها «حوار على بوابة الأرض» مجموعة قصصية صادرة عن نادي جازان الأدبي، عام 1984، «لا أحد» مجموعة قصصية صادرة عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة، عام 1986، «ليس هناك ما يُبهج» مجموعة قصصية صادرة عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة، عام 1988، و«الموت يمر من هنا» رواية صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر -بيروت- عام 1991، و«حكايات المِداد» مجموعة قصص للأطفال صدرت عن نادي جدة الأدبي، عام 1994، و«مدن تأكل العشب» رواية صدرت عن دار الساقي بلندن، عام 1998، و«مَن يُغني في هذا الليل» مجموعة قصصية صدرت عن دار الراوي بالدمام، عام ألف 1999، «الأيام لا تُخبئ أحداً» رواية صدرت عن دار الجمل بألمانيا، عام 2000.
ونال جائزة البوكر للرواية العربية 2010 عن روايته (إنها ترمي بشرر)، وحصد مجموعة من الجوائز والدروع والميداليات والشهادات من الأندية والجمعيات الثقافية التي شارك بها.
العميم.. أدمن العزلة.. وانحاز للفكر
أنس اليوسف (جدة) @20_anas
لا يمكن أن يشرد ذهن القارئ، لوهلة أو يمرح بعقله في عوالم أخرى، وهو يتناول كلمات علي العميم، إذ تسكنه عبارات العميم المدججة بالنقد، واستخداماته اللغوية الدقيقة والحاذقة في الكتابة، إذ يمتلك قدرات بحثية فصيحة، ويصفه الكاتب نشمي مهنا، بأنه «أخطبوط كتابة بأكثر من ذراع وقلم، وأوسع من جهة ولون»، ذلك الوصف الدقيق للعميم يجسد حال شخصية وهبت حياتها للثقافة والفكر.علي العميم الصحفي والمفكر والمثقف الذي انحاز في كتاباته إلى النقد الموضوعي، عرف كأكثر المثقفين السعوديين عزلة، رغم أنه تقلد مناصب رفيعة في مهنة صاحبة الجلالة في صحف عدة، إذ عمل صحفيا في مجلة اليمامة، وزاول الكتابة في صحيفة الرياض، وصحيفة اليوم، وصحيفة الاقتصادية، ومجلة المجلة، وتفرغ للصحافة في صحيفة الشرق الأوسط، كما عمل صحفيا وكاتبا في صحيفة الرياض، وعاد مجددا للكتابة الصحفية أخيرا في الملحق الثقافي بصحيفة «عكاظ»، كأحد أعمدتها الثابتة.
يحتار كثير من المراقبين في توصيف وتحليل تجربة العميم الثقافية، فمن قراءته المختلفة للأحداث جعلته منفردا في أفكاره والتقاطاته، وزرع عمله التحريري في بلاط صاحبة الجلالة، تميز باللحظة الجنونية في نفسه، والرأي المخالف للسائد، وتبدو كتاباته أكثر منهجية، مع قدر معرفي لا يستهان به، مقارنة بآخرين ممن غزوا المشهد الثقافي، طمعا في جزء من البريستيج الاجتماعي والبحث عن الأضواء، بغض النظر من الموقف الثابت، ما يجبر القارئ على احترام أسلوبه ومنهجيته في الكتابة ومساجلاته الفكرية.
العميم الذي ولد في مدينة بريدة بمنطقة القصيم في منتصف ستينات القرن الماضي، اعترف في حوار صحفي بأنه شخصية «مزاجية وكسولة»، رغم نشره عدة مؤلفات منها، «العلمانية والممانعة الإسلامية» «محاورات في النهضة والحداثة»، و«شيء من النقد وشيء من التاريخ» «آراء في الحداثة والصحوة وفي الليبرالية واليسار»، و«عبدالله النفيسي سيرة غير تبجيلية»، وغيرها.
في ليلة «عكاظ».. تمازج «الشعر» و«الموسيقى»
«عكاظ» (جدة) OKAZ_online@
حملت احتفالية «عكاظ» بيوم الكتاب العالمي في طياتها فعاليات شملت الشعر والموسيقى. وتلاقت أنغام الموسيقى من العازف فيصل العمري مع قصائد كل من الشاعر مسفر الغامدي، والشاعر عبدالرحمن الشهري في فعالية «الشعر الفصيح»، فيما حلق الزميل الشاعر عبدالله عبيان، والإعلامية أميرة العباس في فعالية الشعر النبطي.
ونثر الشاعران مسفر الغامدي وعبدالرحمن الشهري، مجموعة من قصائدهما. وفي جولة واحدة، قدم الشاعر مسفر الغامدي عدة نصوص منها «الإجازة الصيفية، قبلة، العصا، الأغاني، شجرة التين». وبدأ الشاعر عبدالرحمن الشهري قصائده بنص مهدى إلى عمال النظافة، ثم قدم عدة نصوص منها «أتخيلهم ساعة القيل، لمن يضمرون، ساعي بريد، كل النساء كن ينظرن إليها بغضب».
وفي الأمسية الشعرية النبطية، قدم الشاعر الزميل عبدالله عبيان والإعلامية أميرة العباس مجموعة من القصائد التي طغى عليها الجانب الغزلي، واختتم عبيان بقصيدة ل«الزول عبدالحكيم السوداني». كما قدمت أميرة العباس نصين، واقتطفت بعضا من شعر المرحوم طلال الرشيد.
وبلا منازع، نجح الفنان فيصل العمري في خلق تماهٍ من نوع مختلف، واءم فيه بين الكلمة واللحن، في ليلة لم تخلُ من عبق الإبداع، ومفردات أضافت بهاء على ليلة ربيعية غير مسبوقة. كما أدار رؤوس الحضور صوب زاويته، التي تجلى منها شعراً ولحناً وموسيقى، ضيفاً في أمسية ثقافية خالصة، حضرها متذوقو الفن الرفيع ومحبو الموسيقى الأصيلة.
وشهدت الفعالية معرضاً مصاحباً للفنان التشكيلي صالح سالم، وأهدى في نهاية المناسبة لوحتين للصحيفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.