طالب كثير من الكتاب بمشروع «التأمين الصحي»، وهم بذلك يترجمون هموم المواطنين، وخصوصا ذوي الدخل المحدود، ممن لا حيلة لهم لعلاج أنفسهم كحال الأغنياء. وكانت وزارة الصحة تُمنيّ الناس بقرب انفراج عقدة «التأمين»، لكن ذلك ظل مجرد أمانٍ. والواقع أن خدمات وزارة الصحة كانت وما زالت أقل بكثير مما يتطلع له الناس، ولا أحد يعرف بالضبط سبب ضعف خدمات الوزارة، حتى لكأن ثمة ما يشبه «اللغز» الذي لم يقدر أحد على فك طلاسمه، وهناك في علم الإدارة الحديث مقولة: (من لا يتقدم.. يتقادم).. وبناء عليه نسأل: هل وزارة الصحة عندنا تقدمت أم تأخرت؟ صحيح أن للوزارة بعض النجاحات، ولكنها قليلة قياسا بالمجموع العام، ومنها عمليات فصل التوائم، التي تعرض إعلاميا حتى يعتقد من يقرؤها أننا وصلنا إلى مستويات أوروبا وأمريكا، في حكم أحادي مجتزأ من سياق الخدمة العامة للوزارة، في حين أن الحكم الصحيح إنما يكون على الخدمة ككتلة واحدة. يمرض أحدنا فلا يجد أمامه إلا خيارين أحلاهما مرّ، فإما أن يتوجه إلى طوارئ المستشفيات الحكومية بعددها المحدود وزحامها، وتكدس المرضى فيها، ما يجعلك تزهد في الخدمة، ثم لا تلبث أن تحمل نفسك أو مريضك على كتفك وتلوذ بالباب الخارجي، أو يبقى أمامك «الخيار الثاني» وهو المصحات الأهلية معتمدا على محفظة جيبك، أو «سلفة» من جيرانك، وهناك (اجزر.. يا جزار). جانب مهم من مشكلة الوزارة يبدأ من مراكز الرعاية الصحية الأولية، تلك المراكز البائسة علاجا وكشفا وحفاوة، فالمستوصف الأهلي بجانب الواحد منها هو أفضل منها مرات عدة، تجهيزا وعيادات وانضباطا إداريا.. إضافة لمشكلات الوزارة في نقص الأسرة وقلة المستشفيات والأخطاء الطبيبة، ونقص الأدوية، والمواعيد الطويلة. أعان الله كل وزير يحمل حقيبة «الصحة»، إذ سيجد أمامه تركة ثقيلة.. ولذلك يبقى المهم بالنسبة له أن يعمل بكفاح لا يلين، وبأساليب إدارية من بينها الحرص على «التغيير» في كل شيء تقريبا، حتى تستقيم الأمور أو أكثرها. المواطنون يتطلعون من الوزير د. توفيق الربيعة، وهو صاحب منجزات جميلة في وزارة التجارة سابقا، أن يترك «بصمة للتاريخ».. وأن يسعى لدى ولي الأمر لأن تكون الخدمات الصحية في بلادنا «خدمة مخصصة» الكل يتعالج والدولة تدفع الفاتورة أو معظمها، ويبقى دور الوزارة إشرافيا فقط، بعد أن أثبتت السنين الطوال أنه لا حل لهذه الوزارة، إلا هذا. bakeet8 hotmail.com@