Mayk_O_O@ لعل الباحث في قضية التأخر الحضاري العربي يلحظ التلاعب الأيديولوجي وتزوير الوعي العربي عبر استبدال المضامين المعرفية التاريخية المحقّقة بمضامين عاطفية تضلل الإنسان العربي وتجعله لا يخرج من خندق التخلف الحضاري الذي أدخله فيه الاستعمار. إننا نعيش على حافة نهر الأيديولوجيات الذي فاض مرارا وجرف المنطقة وأدخلها في حروب بينية وليس ضد المحتل. أيديولوجيات مضللة أدواتها إعلامية وتعليمية بدءا بالقناة التلفزيونية وانتهاء بالمدرسة. أيديولوجيات تتحكم في وعينا بكلمات من قبيل: ديمقراطية، حرية، كرامة، استبداد، ديكتاتورية، مواطنة...إلخ. إنها تعمل دون هوادة منذ عقود على تزييف وعينا وجعلنا لا ندرك حجم التهافت العربي وإخفاقاتنا على كل المستويات فحتى هذا التاريخ لا توجد دولة عربية حديثة كليا. فمعظم الأنظمة العربية هي دول قروسطية دون شك. والمنطقة برمتها مسرح للفساد السياسي والاقتصادي والعلمي. وعلى المستوى الاقتصادي أخفق العربي في بناء قاعدة صناعية إنتاجية متماسكة، أما في مجال العلوم ففشلنا كذلك في إنتاج مراكز علمية تكنولوجية، هذا دون الإشارة لتعداد الأمية والبطالة في الوطن العربي ودون الإشارة إلى الفقر والمرض. كما أخفقنا في بلورة هوية عربية حداثوية ولجأنا لهويات إقطاعية كالهوية القبلية والمناطقية والطائفية. أما ثقافتنا فيسيطر عليها اللاعقل المقدس وآلياته ومنطقه ما قبل العلمي. بل نجد أن بعض دولنا العربية دون سيادة تتحكم في مواردنا البنوك العالمية والشركات متعددة الجنسيات بل إن فلسطينالمحتلة احتلالا مباشرا لم تعد قضيتنا الأولى ولا سيادتها تعنينا وبعضنا انعطف للتطبيع مع الكيان الصهيوني. فمن المعيب أن نتحدث عن السيادة العربية والقدس محتلة منذ 67 سنة. إنه من التضليل التاريخي للأمة العربية ترويج مضامين عاطفية لوصف حال الأمة بحيث لا يمكن دراستها أو فهمها لخلوها من معنى أو جوهر والتوقف عن وضع مضمون معرفي مفند وواضح يفسر حالة التردي تلك. ليراد لنا أن نتوقف عن الاعتقاد بأن الاحتلال الأوروبي المباشر والذي لم تعتذر عنه أوروبا متثملا في دولتي فرنسا وبريطانيا كان سببا مباشرا لتخلفنا الحضاري ثم الاحتلال الإمبريالي المعاصر الذي يصمنا بالإرهاب ويمنع صعود ركاب الطائرات من دولنا بالأجهزة اللوحية والكمبيوتر، بينما يرسل صواريخه وقنابله العنقودية لعواصمنا العربية دون خجل. [email protected]