«يكتب كما لو يجلس على صهوة حصان، تسمع صهيل نصوصه كلما تقدمتْ به الخيلُ توغل في نصه» هكذا هو الشاعر البحريني قاسم حداد، هناك على ضفة بعيدة هادئة خارج الوطن العربي، وبعيدا عن الأرض العربية التي تعيش حالات الصراع والقلق، يختار هو منفاه الجميل؛ لأن مفهوم المنفى لديه اختلف كثيرا عن كل المنافي الوجودية. هناك يقرأ العالم بنثرية عالية وبشعرية أخرى نافذة في عمق الأشياء ليكتب القصيدة وكأنه يحفر قبرا تارة وكأنه يرسم حقلا تارة أخرى. ورغم مساحات الوجع التي يقاسيها الشاعر بداخله.. فثمة نوارس مذبوحة في قلبه لا تقدر أن تنام.. يكتب قاسم (وكعبه في خاصرة الخيل فرسٌ تهشل به وتطير وذراعاه ريشٌ شاهق). يقول عن الشعر: إنه هو المبرر الأخير في حياتي، ربما لأن الشعر هو ما يجعل الحياة جديرة بالعيش ومحتملة. أطل قاسم حداد على عالمنا في عام 1948م، كطفل يفتش عن الأشياء حتى تعملق وعيه ومفرداته وراح يثير أسئلة الشعر الكبيرة مرورا بقصيدة النثر.. شارك في تأسيس (أسرة الأدباء والكتاب في البحرين) عام 1969. وشغل عددًا من المراكز القيادية في إدارتها. وقد تولى رئاسة تحرير مجلة كلمات وشارك بتأسيس فرقة (مسرح أوال) ثم عمل في إدارة الثقافة والفنون بوزارة الإعلام من عام 1980. يكتب مقالاً أسبوعيًّا منذ بداية الثمانينات بعنوان (وقت للكتابة) ينشر في عدد من الصحافة العربية. نشر عن تجربته الشعرية عددا من الرسائل العلمية في عدد من الجامعات العربية والأجنبية، إضافة إلى الدراسات النقدية بالصحف والدوريات. ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الأجنبية. حصل على إجازة التفرغ للعمل الأدبي من طرف وزارة الإعلام بالبحرين في عام 1997. من إصداراته: قلب الحب، الدم الثاني، البشارة، النهروان، انتماءات، شظايا، القيامة، مجنون ليلى، عزلة الملكات، يمشي مخفورًا بالوعول، الجواشن، علاج المسافة، قبر قاسم المستحيل الأزرق (كتاب مشترك بينه وبين المصور الفوتوغرافي السعودي الراحل صالح العزاز). وحصد مبدعنا العديد من الجوائز على سبيل المثال جائزة العويس الثقافية وجائزة الثبيتي الشعرية بنادي الطائف الأدبي وأخيرا فاز ديوانه «أيها الفحم يا سيدي» الصادر في 2015 عن دار مسعى للنشر والتوزيع بجائزة الشابي للإبداع بدولة تونس، قاسم حداد شاعر مسكون بأغنيات لا تجيء دائما ومازال يفتش عنها.