المتتبع لمجريات الميزانية الجديدة يكتشف أنها تجسد قدرة المملكة على مواجهة التحديات والصعاب وتجنب الانهيارات الاقتصادية التي تشهدها كثير من دول العالم من خلال ميزانية 2017 التي تجمع بين الانضباط المالي والنزاهة والشفافية. وتحمل الأرقام التي أعلن عنها مجلس الوزراء رسائل مهمة باستكمال مسيرة التنمية ووضع «التعليم والأمن والصحة» على رأس اهتمامات الحكومة خلال العام الجديد، وتعزيز قدرة ومكانة المملكة إقليميا وعالمياً، والقدرة على ضبط العجز المالي وتقليله إلى أقل مستوياته مع تنويع مصادر الدخل وزيادة العوائد غير النفطية. وتدعم الميزانية الحالية التكامل بين الأجهزة الحكومية لمواصلة الانضباط المالي وتعزيز الشفافية والنزاهة، بعد أن نجحت السياسة المالية المتحفظة والمنضبطة في تخفيض العجز بالميزانية إلى 297 مليارا بعد أن وصل إلى مستوى قياسي في عام 2015 (367 مليار ريال)، في حين سيشهد عام 2017 تحولا مهما في هذا الجانب يتمثل في تخفيض العجز إلى 198 مليارا.. مما يؤكد نجاح رؤية 2030 في مواجهات الصعاب المالية الكبيرة التي تواجهها المنطقة مع انخفاض أسعار النفط وتزايد التهديدات الخارجية والحاجة إلى ترسيخ قواعد الأمن، في ظل القدرة على استمرار المشاريع التنموية الكبرى وارتفاع الإنفاق عن العام الماضي بنسبة 6% ليصل إلى 890 مليار ريال. وأظهرت الميزانية السعودية لعام 2017 متانة الاقتصاد السعودي والرغبة الحقيقية لدى الدولة في استكمال مسيرة الإصلاح والتطور من خلال اعتمادها على ثلاثة مرتكزات رئيسية، تتمثل في التعليم والأمن والصحة، حيث خصصت أكثر من ثلث نفقاتها لقطاعين أساسيين هما التعليم الذي تصدر الإنفاق في الموازنة بنسبة 200 مليار ريال، وقطاع الصحة والتنمية الاجتماعية الذي يحتل المرتبة الثالثة في الإنفاق ب120 مليار ريال، ليصل إجمالي ما سيجري إنفاقه على التعليم والصحة نسبة 36% من إجمالي الميزانية السعودية، دون أن يؤثر ذلك على توجه المملكة بترسيخ مكانتها الأمنية والعسكرية في المنطقة، حيث يحتل الإنفاق العسكري المرتبة الثانية ب190 مليار ريال بهدف توفير الأمن والاستقرار للمواطن السعودي. وتسعى المملكة في مضاعفة إيراداتها غير النفطية، لتصل إلى نحو 200 مليار ريال نهاية العام المالي الجاري في مؤشر كبير على نجاح خطط تنويع مصادر الدخل وتحقيق لأول مرتكزات «رؤية 2030» فبحسب الأرقام شكلت الإيرادات غير النفطية نسبة 38% من إجمالي إيرادات المملكة بالعام المالي الحالي، وهي النسبة الأعلى على الإطلاق لهذا النوع من الإيرادات، حيث كانت المملكة تتوقع في بداية العام الحالي تسجيل 181 مليار ريال من الإيرادات من خارج القطاع النفطي، لكنها تخطت هذا الرقم مسجلة 199 مليار ريال.. وهي بشرى سارة للسعوديين جميعا وتأكيد على أن الدولة تسير في الطريق الصحيح.