يبدو لي والله أعلم أن الابتسامة أصبحت وكأنها عملة نادرة هذه الأيام. وسبحان الله أن هناك بعض الأماكن التي تفتقدها بالرغم أن المتوقع أن تكثر فيها البشاشة ومنها المطارات، فتخيل سيل المشاعر لدى من يستقبلون الأهالي والأحبة بعد فترات غياب طويلة. ولكن حتى لو لم يكن فيض مشاعر الاستقبال، فهناك ما يستدعي رسم الابتسامة وأهمه أن نتذكر نعمة الله الذي سخر لنا معجزة السفر الآمن المريح السريع. كم منا عبر المحيط في ساعات محدودة في قمة الراحة وبتكاليف معقولة جدا.... دواعي الابتسامة كثيرة جدا، وهي حولنا في كل مكان وزمان. وبالرغم من هذه النعم العظيمة، نستغرب لدرجة الحزن على وجوه البشر. للأسف كلما دخلت مبنى المطار أشعر وكأنني أمر على صف العزاء لدرجة أنني أكاد أن أقولها لمن أرى أمامي «... عظم الله أجركم...أحسن الله عزاءكم...» وكل هذا يجعلنا نتساءل: يا ترى لماذا لا نبتسم ونحن ننعم بخيرات كبيرة جدا وكثيرة جدا. الابتسامة غير مكلفة كما كنا نعتقد، تخيل أن البسمة يكمن تمييزها من على بعد مسافة تفوق ال 50 مترا. ولم يعلمنا أحد أن نبتسم، فهي من الحركات التي نبدأ بها حياتنا خلال أسابيعنا الأولى، وهي من النعم التي تسعد الجميع فالأطفال الذين يكثرون منها يصبحون من المقربين، بل ويكتشفون أنها تجلب الابتسامات والحب من الآخرين، وتتفوق طبعا على النكد والبكاء والكشره، و«ضرب البوز». ويقول الخبراء إن هناك أكثر من عشرة أنواع من الابتسامات المختلفة: الحب، والإعجاب، والتقرب، والارتياح، والخجل، والانتقام، واللؤم، والإحراج، والتأكيد، والموافقة، والسخرية... ولا ننسى «البكش» طبعا، وغيرها. ومعظمها مرغوبة، ولذا تجدها في معظم الإعلانات التجارية والانتخابات للإيحاء بصدق المشاعر، والتقرب، والثقة. ولا ننسى بعض الأنواع الغريبة من الابتسامات ومنها ابتسامة «الربشة» أو الغضب في بعض الدول، ولن أنسى ابتسامة لصقت في وجهي عندما بدأت بحل أصعب اختبار في حياتي... وبقيت الابتسامة على وجهي بدون إرادتي بالرغم أنني شعرت بأنني كنت قريبا من البكاء طوال فترة الاختبار. عضلات الوجه المسؤولة عن رسمها قليلة، وتتلخص في العضلة التي ترفع الخدين واسمها «أوربيكيولارس أوكيولاي» orbicularis occuli.... على وزن «اربكي... ولا ترصي... أوكي». والعضلة الثانية الأساسية في الابتسامة والتي تسبب تقويس الفم اسمها «زيجوماتك ماجور» zygomatic major على وزن «زي جو حماتك مأجور». وأما ظهور الأسنان فهو من المكملات الاختيارية. لاحظ أن الفترة الزمنية للابتسامة تتراوح من نحو نصف ثانية إلى نحو ست ثوان وما زاد عن ذلك يدخل في منطقة الحذر أي المشبوهات... يعني ابتسامة «يعني يعني». وبالإضافة إلى الفترة الزمنية لتأكيد صدق الابتسامة، فهناك لغة العيون التي تضفي مبدأ النظرة لتأكيد صدق المشاعر. أمنيةلا نتوقع أن نرى الابتسامات في كل مكان وزمان... بعض الأماكن تتطلب الجدية التامة... مثل إدارة الأحوال المدنية... ولكن ما المانع أن ننشر ثقافة البسمة فهي صدقة، وعمل خير يضيف بهجة مهما كانت بسيطة إلى حياة الناس. أتمنى أن نرى ابتسامات أكثر في حياتنا اليومية... ولا تصدقوا صورتي التي وضعتها الجريدة أعلاه، فأنا من محبي الابتسامات. والله يشهد على كلامي. وهو من وراء القصد.