سجلت «عكاظ» جولة واسعة على مرافق إصلاحية ذهبان وسجن بريمان، ووثقت عمليات إعادة التصميم والخدمات الكبيرة التي تقدمها مديرية السجون للنزلاء، والعمل على استضافتهم في صورة أشبه بالخدمات الفندقية، إذ وفرت لهم العلاج والترفيه والبيت العائلي والدراسة بمختلف مراحلها، ومنحهم فرصة ممارسة هواياتهم في الفنون والإبداع، وتدريبهم على المهن والوظائف، ومواجهة ما يطلق عليه «صدمة الإفراج»، إذ حرصت وزارة الداخلية عند إعادة تصميم إصلاحية «ذهبان» على أن تكون مكاناً للتعليم والتأهيل والتدريب ليعود السجين لأسرته ومجتمعه شخصا فاعلا ومؤثرا وإيجابيا، إذ يتم تأهيل النزيل علمياً ومهنياً عن طريق دورات وبرامج تعليمية تقدم له متطلبات سوق العمل في القطاعين الأهلي والحكومي، كما أن الشهادات التي يقدمها المعهد المهني في جدة للسجناء المجتازين للدورات التدريبية لا تحمل عبارة أو إشارة إلى أن الخريج سجين سابق، وحرصت التوجيهات أيضا على إعادة تأهيل السجن العام (بريمان) ليحاكي أحدث ما توصل إليه العلم في إعادة تأهيل الجانحين، من خلال إيجاد بنى تحتية من معاهد ومدارس وصالات أنشطة رياضية وثقافية ورعاية صحية متطورة، وإدخال التقنيات الحديثة بأحدث ما توصل إليه العالم في مجال إعادة التأهيل. مدير إصلاحية جدة المقدم فايز الأحمري أكد ل«عكاظ» أن السعودية تعد أفضل دولة في التعامل مع النزيل، وتتفوق على معايير حقوق الإنسان في العالم، مرجعاً ذلك إلى تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، فالإصلاحية تقسم النزلاء إلى قسمين، طبقا للعمر ونوع القضية. وقال: «ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف حريص على أن تكون سجوننا مكانا للإصلاح والتعليم، والتأهيل والإرشاد، كما تحظى الإصلاحية وبرامجها بدعم ومتابعة مستمرة من أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، ثم بالإشراف المباشر من قبل مدير الإدارة العامة للسجون اللواء إبراهيم الحمزي». ويضيف الأحمري: «إصلاحية ذهبان تحتوي على كل متطلبات النزيل، وهي متطلبات معتمدة من مؤسسات دولية متخصصة في بناء وإدارة السجون، فهناك مناطق إدارية متكاملة، وأخرى سجنية، ومناطق للتأهيل والتدريب، وأخرى تعليمية، وخدمية، كما يوجد بالإصلاحية مستوصف كبير، وعيادات كشف أولية، وأشعة، وعيادات أسنان، وعيون، وباطنية، وجلدية، وغرفة عمليات بسيطة، وأقسام إنعاش، إضافة إلى الوحدات السجنية النسائية، وهي عبارة عن مجمعات خاصة بالنزيلات، إذ تدار بواسطة عناصر نسائية، وتحتوي هذه المجمعات على مستوصف ومكاتب إدارية، ومواقع تدريب مهني وتعليمي، وقسم استقبال خاص بهن». مبدعون ورسامون ولفت مدير إصلاحية جدة المقدم فايز الأحمري إلى أن المشروع يحتوي على مدارس تعليم ابتدائية، متوسطة، وثانوية، إذ يتم إلحاق النزلاء الراغبين في التعليم بها، إلى جانب التعليم الجامعي بنظام الانتساب. كما توجد مبان للتدريب، كل مبنى عبارة عن ورش ومعامل مختلفة التخصصات تستوعب 300 متدرب، ويشتمل على معمل للخياطة تتم فيه حياكة الملابس الخاصة بنزلاء السجن، كما يتم إلحاقهم ببرنامج تشغيل النزلاء، ويصرف لهم راتب وفق لائحة التشغيل المتوافقة مع نظام وزارة العمل من ناحية الإجازة والراتب وغيرهما، وهناك معمل للرسم والنحت ينمي فيه النزيل موهبته في هذه الفنون، إلى جانب المهن والحرف. وتعرض مواهب وإبداعات النزيل في الفعاليات والمناسبات الكبرى. فضلا عن معملي الكهرباء والسباكة اللذين سيتم تفعيلهما قريبا، ويهدفان لتدريب النزلاء وتفعيل دور المختصين منهم في مجالات الكهرباء والسباكة. وهنالك عدد من الدورات التي يحتاجها سوق العمل، مثل صيانة الحاسب الآلي، النجارة، ومهن عدة، ويحصل النزيل في السجن على دبلوم من المؤسسة العامة للتدريب المهني دون أن يذكر في الشهادة مكان انعقاد الدورة، ودون الإشارة إلى أن حاملها حصل عليها داخل السجن، كما أن السجين يمكن أن يحصل على عدة دورات في مجالات مختلفة، وسيتم رفع عدد المقبولين في الدورات القادمة. المباريات المتلفزة المقدم الأحمري أوضح أنه يوجد في الإصلاحية ثلاث محميات للمزروعات، يتم فيها تدريب النزلاء على الزراعة وممارسة هوايتهم الزراعية تحت إشراف خبراء، وهناك حظائر للمواشي والدواجن، ليكون هناك اكتفاء ذاتي من اللحوم والخضار لإعاشة النزلاء، كما توجد محطتان لمعالجة المياه لاستخدامها في دورات المياه، والمساعدة في ري المزروعات، إلى جانب محطة أخرى لمعالجة الصرف الصحي، أما مياه التحلية فتستخدم للاستحمام، والاستخدامات الأخرى للنزيل. وبين أن الإصلاحية تشتمل على مبان لغسل الملابس، ومخابز، ومطابخ، ومبنى للدفاع المدني، ومهابط للطائرات العمودية لنقل النزلاء في الحالات الضرورية للعلاج في المستشفيات، كما تحتوي على مكتبة عامة، إذ يمكن للنزيل طلب الكتاب الذي يرغب في قراءته ثم يعيده إلى المكتبة. وكشف الأحمري وجود تعاون مع عدد من المكتبات لتزويد الإصلاحية بالكتب، كما يتم تزويدهم بالصحف اليومية، والقنوات الفضائية، ويتم نقل المباريات لهم داخل قاعات مخصصة. مباريات مرتقبة للنزلاء مع الاتحاد والأهلي أكد مدير السجن بمحافظة جدة العميد مانع العتيبي أن المديرية وفرت نقطة فرز أولية لحظة دخول المراجع تشمل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وتم توفير خدمة خاصة عبارة عن زيارة مرئية مباشرة عبر الشاشة من سجن بريمان لسجن الملز، ويسمح بذلك من الصباح وحتى فترة العصر. ويوجد في السجن 21 وحدة سجنية، كل وحدة مجهزة بتكييف خاص، وكل غرفة بها ثمانية أسرة، وكل سرير يحتوي على طابقين. وعن القسم النسائي فقد كشف العتيبي أن هناك موظفات تم تدريبهن وتأهيلهن بكفاءة عالية ليقدمن الخدمة لزوار السجناء والمراجعين بكل يسر وسهولة. وهنالك ملف طبي لكل نزيل، إذ يتم تسجيله بحسب وضعه الصحي في ملف إلكتروني ليتم علاجه، وصرف الدواء له إلكترونيا، ويشتمل مستوصف السجن على عيادة الدرن والأسنان والعيون، والجلدية، والطبيب العام، والأشعة. أما الملعب الرياضي فيتم إنشاؤه وفق أعلى المقاييس ليتمكن السجين من ممارسة النشاط الرياضي بأريحية، وسيتم التعاون مع ناديي الاتحاد والأهلي للتباري مع النزلاء كنوع من التشجيع، والخدمة المجتمعية، ومحاولة دمج النزلاء في المجتمع بطريقة صحية وسليمة بعد خروجهم من السجن. المتحدث باسم السجون: ندربهم على مواجهة المواقف الصعبة أوضح مدير إدارة العلاقات والإعلام المتحدث باسم المديرية العامة للسجون العميد الدكتور أيوب بن نحيت، خلال الجولة الصحفية أن السجون تهدف إلى تحقيق عناصر الردع الخاص والردع العام، والنظريات الاجتماعية، مؤكداً أن للسجين مجتمعا خاصاً أدى إلى نشوء ما يسمى ب «ثقافة السجن»، وهي بمثابة السلوكيات المتكررة والدائمة المرتبطة بالمجتمع ونزلائه. ولفت إلى أن مفهوم ثقافة السجن هو أسلوب الحياة الذي يميز مجتمع السجن عن غيره بما يحوي من عادات وأعراف وقوانين وقيم ومعايير قام النزلاء بتطويرها بأنفسهم، وهي متميزة تماماً عن تلك السائدة في المجتمع الكبير وهذه الثقافة تظهر عادة لأسباب أهمها اشتراك نزلاء السجون بقيم خاصة تناهض المعايير الرسمية المتفق عليها والمقبولة لدى عامة المجتمع، بالإضافة إلى التفاعل والاتصال بين النزلاء والذي ينتج منه إحساس بالتجانس والتوافق كاستجابة لمقتضيات التكيف مع الحياة الخاصة داخل السجن، بما تحويه من عزلة مجتمعية وظروف اجتماعية، الأمر الذي يجد معه النزلاء الحاجة للتكيف معها، وبالتالي الاستسلام لتداعياتها وآثارها السلبية، والتي من أهمها اعتناق النزلاء لقيم وأفكار خاصة بهم، وشعورهم بأن المجتمع غير مستعد لقبولهم ومنحهم فرصة أخرى لإعادة الاعتبار لأنفسهم اجتماعياً، وأخلاقياً وهو ما يطلق عليه «صدمة الإفراج». وأضاف المتحدث باسم المديرية العامة للسجون، نسعى إلى تعويد النزلاء والنزيلات على مواجهة المواقف الصعبة في الحياة، بحيث نتعامل معهم على أنهم ضحايا ظروف نفسية، واجتماعية معينة قادتهم إلى السجن، لذلك هدفت البرامج الإصلاحية التي ينخرط فيها النزلاء، والنزيلات خلال فترة عقوبتهم إلى المحافظة على ما لديهم من مواهب وقدرات وإمكانات بدنية، وذهنية. وختم حديثه بقوله: «كل ما نحتاجه هو وقوف المجتمع بكامل مؤسساته وأفراده مع إخواننا النزلاء وأخواتنا النزيلات، وعدم وصمهم بالانحراف، لأن الشخص الذي يتم وصمه بالانحراف يبقى محط الأنظار، وبالتالي يعتاد الناس على الحذر منه، ما ينتج منه تقمص الشخص ذاته لهذا الدور، مما قد يجتره إلى مستقبل انحرافي أشد، وأنكى بدلاً من استقامته وتعديل سلوكه إيجابياً». وزاد: «ومن هنا ندعو الجميع إلى الصفح والعفو عن كل من زلت به القدم كي نتشارك جميعاً في إعادة الأمل إلى النزلاء والنزيلات كي يقفوا مجدداً على طريق الفلاح والنجاح، إذ إن ديننا الإسلامي لا يفترض في الإنسان أصالة الشر وديمومته، وإنما يقرر قابلية الإنسان وإمكان هدايته». العميد العتيبي: بوابة بريمان.. الأولى في العالم كشف مدير سجون منطقة مكةالمكرمة العميد فايز الأحمري، أن عدد السجناء في سجن بريمان يصل لقرابة 7 آلاف سجين، ويتراوح الدخول فيه بشكل يومي ما بين 50 و60 نزيلاً، وبسبب الضغط الهائل للمراجعين أنشأت المديرية العامة مبنى يستوعب الأعداد الهائلة من الزوار، كما وفرت المديرية أجهزة جبارة، وتحولت المعاملات بها من ورقية لإلكترونية. من جانبه يقول مدير السجون بمحافظة جدة العميد مانع العتيبي: إن المركبات تمر بنقطة فرز أولية للتأكد من هوية الشخص والتأكد من محتوى السيارة، حيث إن الأشخاص القائمين على البوابات لديهم مؤهلات عالية في مكافحة الإرهاب وصد السلاح، إضافة لوجود مدرعة بدائرة 360 درجة جاهزة لصد الهجوم، أما البوابة فهي الأولى من نوعها في العالم وبها قارئة متفجرات، وقارئة لوحة أمنية بها ثلاث مصدات هجومية، وقارئ اسكنر يقوم بمسح السيارة بكاملها. وأضاف، أن الشرطة العسكرية هي المخولة بحفظ أمن المقر حيث أن العاملين بها يعملون بحرفية عالية.