حظي التعاون العسكري باهتمام قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في وقت مبكر منذ بداية مسيرة المجلس، انطلاقاً من قناعة راسخة بوحدة الهدف والمصير، إضافة إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ المشترك. وفي هذا الإطار جاء تأكيد ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز خلال ترؤسه اجتماع الدورة الخامسة عشرة لمجلس الدفاع المشترك، أمس الأول في الرياض، على ضرورة «دفع مسيرة عمل دول المجلس إلى الأمام مشيرا إلى أن المجال العسكري والدفاعي يعد من أهم المجالات». وقرع ولي ولي العهد الجرس محذراً من التحديات التي تواجهها المنطقة اليوم، ومشدداً على أن «هذه التحديات تحتم علينا جميعا التنسيق والعمل وتطوير أعمالنا بشكل سريع جدا والاستفادة من الدروس والأحداث ووضعها في عين الاعتبار لمواجهة التحديات التي ستكون في المستقبل». وكانت الرياض استضافت أول اجتماع لرؤساء الأركان الخليجيين في 23 ذي القعدة 1401، بناء على طلب من المجلس الوزاري، ورفعوا عدداً من التوصيات المتعلقة بتعزيز التعاون العسكري فيما بين الدول الأعضاء، واطلع المجلس الأعلى عليها في دورته الثانية بالرياض في 14 محرم 1402، وكلف وزراء الدفاع بالاجتماع لمناقشتها. وفي ضوء ذلك عقد الوزراء اجتماعهم الأول في الرياض بتاريخ 30 ربيع الأول 1402 واطلعوا على ما رفعه رؤساء الأركان من توصيات ووافقوا على إقرارها، وبدأ التعاون العسكري بالمضي قدما والتقدم تصاعدياً وفقاً لدراسات متخصصة آخذة في الاعتبار إمكانات دول المجلس، والاستجابة لمتطلبات الدفاع عن كل منها، وإيجاد آليات عمل ناجعة لتنفيذ نتائج الدروس المستقاة من الأحداث على الصعيدين الإقليمي والدولي، إضافة إلى السعي دائماً إلى متابعة وتحليل المستجدات والأحداث والوضع العسكري التي تمر به المنطقة ودولها. إنجازات عسكرية وخلال السنوات الثلاثين الماضية تمكنت دول مجلس التعاون من تحقيق العديد من الإنجازات في المجال العسكري أهمها: - قوة درع الجزيرة: ويعتبر إنشاء قوة خفيفة الحركة تضم وحدات من الدول الأعضاء من أقدم القرارات الخاصة بالتعاون العسكري، وصدر قرار بإنشائها في 23 ذي الحجة 1402، وفي وقت لاحق صدرت قرارات بتطويرها لتصبح فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها الناري والقتالي. واستمرت الدراسات الهادفة إلى تطويرها وتحديثها والرفع من كفاءتها القتالية والفنية. ودأبت القوة منذ إنشائها على تنفيذ التدريبات والتمارين المشتركة بشكل دوري مع القوات المسلحة في كل دولة من دول المجلس. وقامت قوة درع الجزيرة من أجل تحقيق هدف أساسي وهو حماية أمن دول المجلس الست، وكانت هناك طموحات واسعة بشأن توسيع حجمها، ومنحها المزيد من الرعاية والاهتمام، ووقفت دول المجلس مع العراق، وقدمت له المساعدات، فأصبح ممكنا بعد ذلك الإعلان عن تشكيل قوة تدخل سريع، وظهرت إلى الوجود قوة «درع الجزيرة» كأول تعاون عسكري بين هذه الدول، وهو التطور الأبرز بين الإنجازات التي حققتها دول المجلس في المجال العسكري. - اتفاقية الدفاع المشترك: وبتوقيع قادة دول المجلس في الدورة الحادية والعشرين للمجلس الأعلى، بمملكة البحرين يومي 4 و 5 شوال 1421 على اتفاقية الدفاع المشترك، حقق العمل الخليجي المشترك في المجال العسكري نقلة نوعية حيث حددت الاتفاقية العديد من مرتكزات التعاون العسكري ومنطلقاته وأسسه وأولوياته. وأكدت الدول الأعضاء في الاتفاقية التزامها بالنظام الأساسي لمجلس التعاون، واحترامها لميثاقي جامعة الدول العربية وهيئة الأممالمتحدة، وعزمها على الدفاع عن نفسها بصورة جماعية، انطلاقاً من أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها مجتمعة، وأن أي خطر يهدد أحداها إنما يهددها جميعاً. كما نصت الاتفاقية على عزم الدول الأعضاء على تعزيز التعاون العسكري فيما بينها، ورفع قدراتها الذاتية والجماعية لتحقيق أفضل مستوى من التنسيق لمفهوم الدفاع المشترك، بما في ذلك تأسيس وتطوير قاعدة للصناعة العسكرية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.