مع ثورة وسائل الاتصالات وقدرتها على نقل الخبر في جزء من الثانية، وتحول مصدره من خلال منظمات ومؤسسات إعلامية وإعلانية، إلى أن بات كل شخص يمثل وكالة أنباء إخبارية متنقلة، وذلك بفضل وسائل التواصل الاجتماعي كالواتس وتويتر وغيرهما، والتي جعلت من شائعة ساذجة ولا يمكن تصديقها إلى «قرار»، لا يتكلف قارئ الرسالة المحولة إليه من التثبت من صدقها من عدمه، حتى يبادر بنشرها لقائمة القروبات المضاف إليها وكأنه وقف على مصدر الخبر بنفسه! ولو أن أمر نشر «الشائعات» اقتصر على الأخبار المفرحة، لقلنا إن هناك من يسعى لإدخال السرور إلى قلب إخوانه المسلمين، ولو كان من خلال خبر كاذب، لكن المشكلة أن يتسابق الآلاف إلى نشر أخبار غير صحيحة، وفي الوقت ذاته تجلب الهم والغم لقارئيها، لما تتضمنه من أخبار سيئة في حقهم. ولو استشعر كل من يعيد إرسال الأخبار دون التثبت منها، خطورتها الأمنية من جهة وتأثيرها على الناس نفسيا واجتماعيا، لما تجرأ ليساهم بنشر خبر مفبرك، وليس له أساس من الصحة، فليس خافيا أنه ومع سهولة وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها على اختراق البيوت وتجاوز كل فرضيات الإعلام الجماهيري، إلا أن لها مخاطر كبيرة تتمثل بتأثيرها على أمن الوطن من خلال السماح بترويج أخبار قد تهدد استقرار البلاد أو تسيء إلى رموزه وقياداته، فقد تستغل بعض الجهات الخارجية التي تهمها زعزعة أمن البلاد لبث الشائعات المغرضة والتي يتسبب تناقلها دون تثبت بتحقيق أهداف الجهات الخارجية خاصة مع كثرة الأعداء الذين يستهدفون أمن بلادنا، إذ أشارت دراسة أمنية أخيرا إلى أن هناك أكثر من 500 ألف حساب في تويتر يغرد فيها من خارج البلاد كلها تهدف إلى بث الشائعات وهز استقرار البلاد والتشكيك بعلمائه وقادته، وقيادة حملات مشبوهة تدعم لتصل للترند العالمي فتعطي مؤشرا مغايرا لواقع الحال الحقيقي، ثم يأتيك من هم منا ويهمهم أمر وطنهم وأمننا لا يتورعون في نقل شائعة أطلقها حساب مجهول من خلال وسائل التواصل الأخرى كالواتس أب أو السناب أو غيرها، إضافة إلى أن ناقلي كثير من الأخبار التي لم تثبت ولم يصدر فيها قرار رسمي ولا حتى مجرد دراسة يشيعونها بين الناس وكأنها صدرت بالفعل، رغم ما تحمله من مضامين غير سارة للجميع، بل إن بعضهم لا يتورع في نشر أخبار وتفصيلات إجرائية لقرارات (ستصدر)، والمؤمل أن يتطور نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ليشمل كل من ينقل خبرا يثير بلبلة أو يحدث نقاشا يشغل الرأي العام، ليحاسب مؤلفه وناقله.