بين قصور في الخدمة وتكاليف عالية، يدفع المواطن أغلى ما يملك وهو طفله، ليخسر كثيرا من المال، في سبيل تلقي فلذة كبده المصاب باضطراب نمائي العلم، في بيئة يفترض أن تكون مناسبة لقدراته. وتكمن المشكلة في أن القائمين على العملية التعليمية لا يدركون أن هؤلاء الأطفال طاقات ويتم التعامل معهم على أساس أنهم يعانون من صعوبات في الإدراك، ولك أن تتخيل إذا استمر الوضع على هذا المنوال، أن جيلا من الأطفال سيكون في المستقبل القريب شبابا، ولكن طاقة مهدرة! كل ما يحتاجه هؤلاء الأطفال القليل من الصبر والكثير من التعليم والتدريب حتى يكونوا مؤهلين بقدراتهم، والجميع يعلم أن تعليم أطفال التوحد وصعوبات التعلم أصبح تجارة نشطة ومكسبا لكل من ليس له وظيفة، وثروة لكل من ليس له دخل، ومجالا قل فيه الاختصاص، وزاد فيه الاستغلال، وهو ما تقوم به المراكز التجارية في نشاطها الاجتماعي في مسماه، إضافة إلى المدارس الأهلية التي فتحت أخيرا قسما لصعوبات التعلم كنوع من الاستثمار، إذ تكاليف تعليم الطفل الواحد تساوي ضعف تكاليف الطفل الطبيعي، بحجة تقديم الأفضل لهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء الأطفال يتم استبعادهم اجتماعيا وفي الوقت نفسه حسابهم ماديا جيدا. ونحن عند الحديث عن هذا الموضوع تحديدا نقف أمام متاهة كبيرة بين ما تنفقه الدولة من ميزانية ومن ثروات وما يصل إلى المواطن من فتات، وتدن في الخدمة وتجن على المواطن وغياب الكادر البشري المناسب والمؤهل وما يعانيه خريجو التربية الخاصة من بطالة! نريد من كل مسؤول ألا ينظر لهؤلاء الأطفال بعين الرحمة والشفقة، بل ينظر إليهم بعين الحق والحقيقة، والعلم حق أساسي وليس مطلبا ترفيهيا، ولا يريد أولئك الصغار إلا إيقاف التهميش والعمل على الدمج بصورة طبيعة من خلال خطة متكاملة، من أجل أن يكونوا قادرين وليسوا معاقين.