اقبل معاذير من يأتيك معتذرا إن بر عندك فيما قال أو فجرا لقد أطاعك من يرضيك ظاهره وقد أجلّك من يعصيك مستترا هناك بعض الناس الذين متى جاءهم من يعتذر عن خطأ بدر منه، لم يقبلوا عذره وربما استغلوا اعتذاره في توجيه مزيد من اللوم والعتاب والتقريع له، ولا أدري ما الذي يريدون بهذا الأسلوب غير الكريم في مقابلة المعتذر. إن المعتذر عن خطأ بدر منه يعبر عن احترامه لمن وقعت عليه الإساءة، وحرصه على إرضائه، فالمعتذر يعبر عن ندمه، لذلك هو يعلن اعترافه بالخطأ وسعيه إلى محو الأثر السيئ الذي نجم من وقوعه فيه ورغبته في استمرار العلاقة الطيبة. وإذا كان الأمر كذلك، ألا يكفي هذا للمسامحة وقبول الاعتذار، حتى وإن لم يكن المعتذر صادقا فيما يقول؟ بعض الناس يرى أن الاعتذار لا يعني التوبة الصادقة من الذنب، وأن (الطبع يغلب التطبع) فمن أساء مرة، من الممكن أن يسيء مرات، وأن الاعتذار ما هو إلا مطية نحو إساءات جديدة! لكن المسامحة وقبول الاعتذار ليس بالضرورة أنه يعني الاستمرار في نمط العلاقة السابق نفسه، فمن الممكن قبول الاعتذار والتسامح مع ما مضى من إساءة، دون التزام بعودة الثقة الماضية كاملة كما كانت من قبل، فمن جاء يعتذر عن خذلان بدر منه، أو خيانة صدرت عنه، أو كذب وقع فيه، أو سرقة فعلها، أو غير ذلك، لا يعني قبول الاعتذار منه أن العلاقة معه ستبقى على الصورة التي كانت عليها فيما سبق، فالثقة متى فقدت تحتاج زمنا طويلا لاستعادتها، وقد لا تعود أبدا. فقدنا الثقة فيمن يخوننا أو يكذب علينا أو يخذلنا ويتخلى عنا عندما نكون في حاجة إلى مساندته، هو نوع من الحذر، نتدثر به لنحمي أنفسنا من التعرض للأذى على يده مرة أخرى، ولا علاقة له مطلقا بقبول الاعتذار منه. قبول الاعتذار يعني أن لا مشاعر سلبية باقية في النفس، وأن صفحة جديدة من العلاقة يمكن أن تنشر، ولكنها ستكون كصفتها (جديدة) بمعنى خلوها من بند الثقة السابقة!