تواجه الحكومة المغربية الجديدة الكثير من الملفات والتحديات الكبرى ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فمن الجانب الاقتصادي تعهدت الحكومة المغربية الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بالسعي إلى تحقيق متوسط نمو لاقتصاد البلاد بنسبة 5.5 في المائة سنويا على مدى فترة حكمها المقررة من 2012 إلى 2016، بهدف تعزيز فرص العمل، حيث تطمح الحكومة الجديدة لرفع وتيرة النمو من متوسطه الذي كان يبلغ 4.5 في المائة في السنوات ال5 الماضية. وأثار تصريح رئيس الحكومة المغربية، عبدالإله بن كيران، جدلاً وسط الشارع المغربي، حول رفع الحد الأدنى من الأجور إلى 3000 درهم وذلك بحلول سنة 2016، في حين تشهد الشوارع المغربية اعتصامات يومية لمعطلين ينددون بالبطالة. ويقول عثمان كاير، أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الحسن الثاني، في تصريحات لصحيفة "الشرق الأوسط" إنه يجب التأكد أولا أن تحديد الحد الأدنى للأجر لا يدخل بالدرجة الأولى في نطاق صلاحيات الحكومة، على اعتبار أن القانون يجعل تحديده مرتبطا بالمفاوضة الجماعية بين أرباب العمل والنقابات، وبالتالي فالحكومة غير قادرة على فرض أي حد أدني للأجر مهما كان حجمه. ويوافقه الرأي محمد الإدريسي بخات، أستاذ الاقتصاد في جامعة عبد المالك السعدي، أن التصريح الحكومي لا يحدد مبلغ 3000 درهم كحد أدنى للأجور في أفق 2016. وأن تحقيق مثل هذه الغايات جد صعب ويتطلب موافقة الفعاليات الاقتصادية. كما أن التجربة السابقة والظروف الاقتصادية ومعدل «تنافسية المغرب» توحي بأن هذا الهدف بعيد المنال. ويضيف كاير «يجب التأكيد أن مبلغ 3000 درهم يبقى صعب التحقق في الظروف الاقتصادية الحالية على اعتبار أن الأجور في المغرب هي من بين الأكثر ارتفاعا على المستوى الأفريقي والمتوسطي وأي زيادة في الحد الأدنى للأجر ستضر لا محالة بتنافسية المقاولة والاقتصاد المغربيين الذي يعاني كثيرا من تكلفة اليد العاملة ما دامت لم تتحسن إنتاجية». أما بخات فيقول «بالنسبة لمبلغ 3000 درهم، فرغم هزالته، فهو مع الأسف ما تتيحه الظروف المالية والميزانية. وكل تغيير في هذا المجال رهين في الأساس بالإصلاحات الواجب اتخاذها على مستوى العدالة الاجتماعية وتقليص الفوارق. في الظروف الحالية، تشكل مسألة الأجور أكبر التحديات بالنسبة لحكومة بن كيران». ويرى بخات أنه حسب التصريح الحكومي، التشغيل والبطالة يشكلان أهم أولويات الحكومة. فبالنسبة للبطالة، زيادة على تنفيذ وتطوير برامج «تأهيل»، و«مقاولتي»، و«إدماج»، ستعتمد الحكومة البرامج الجديدة: «تأطير»، و«مبادرة»، و«استيعاب»، هذه البرامج تضاف إلى البرامج والسياسات القطاعية كتلك التي تهم السياحة وتطوير تنافسية المغرب لاستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية والقطاعات المصدرة. هذه البرامج ستساعد على تخفيض حدة مشكلة البطالة. ويضيف كاير أن التحدي الأكبر بالنسبة للحكومة الجديدة هو وضع حلول عملية وآنية لمعضلة البطالة. لكن في المقابل من غير المقبول أن تغرق الإدارة العمومية بالعاطلين بالنظر إلى إمكانيات القطاع العام المحدودة.