أكدت مصادر سودانية معارضة ل«الشرق الأوسط»، أمس، أن مظاهرات اندلعت في قلب الخرطوم، في منطقة السوق العربي، بينما تجددت المظاهرات في جامعة الخرطوم، التي شهدت أمس إطلاق الرصاص المطاطي على الطلاب المتظاهرين، وكذا الغازات المسيلة للدموع حسب المصادر، مما أدى إلى حالات اختناق، وعمدت قوات الأمن إلى إغلاق شارع الجامعة، وسط حضور أمني كثيف. واعتقلت السلطات الأمنية كمال عمر عبد السلام الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه حسن الترابي. وفي هذا السياق، واصل الرئيس السوداني عمر البشير نعت المحتجين ضد سياساته الاقتصادية بصفات كثيرة، فبعد أن وصفهم مؤخرا بأنهم «شذاذ آفاق» قال في خطاب جديد إنهم مجرد «شماشة»، التي تعني متشردين أو أطفال الشوارع. وقال إن دستور السودان سيصبح إسلاميا 100 في المائة. وفكر الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت في إطلاق مظاهرة الجمعة المقبل تحت اسم «جمعة الشماشة»، وكانوا قد خرجوا الجمعة الماضي تحت اسم جمعة «شذاذ الآفاق». وقالت مصادر ل«الشرق الأوسط» إن طلاب جامعة الخرطوم حاولوا أمس الخروج في مظاهرة لكن تم قمعها بسرعة، وإن قوات الأمن والشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع بعد خروجهم بقليل من الجامعة وإنها اعتدت على بعض الأساتذة، وأضافت المصادر أن ما يسمى بالرباطة (البلطجية) قاموا بالاعتداء على الطلاب بالمدى والسيخ، ولكن لم يتسن التأكد من مصادر مستقلة، وانخفضت منذ أول من أمس وتيرة المظاهرات في عدد من المدن. وقال البشير في احتفال ديني مساء أول من أمس في منطقة ود الفادني، شرق الخرطوم، إن الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة وعدة مدن ولائية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، وأضاف أن هناك من يحاولون تحريك بعض الشباب والشماشة (المتشردين أو أطفال الشوارع)، مشددا على أن الشعب السوداني يساند تحركات الحكومة الرامية لإيجاد معالجات للضائقة الاقتصادية، وأضاف أن جهات، لم يسمها، حاولت استغلال الضائقة الاقتصادية الحالية لتأليب الشعب ضد نظامه، وقال «نحن واثقون من شعبنا لأننا جزء منه»، وأضاف «نحن لم نأت لنحكم وإنما لخدمة الشعب»، وقال إن حكومته عازمة على تشكيل لجنة قومية لوضع دستور إسلامي بنسبة 100 في المائة وإنه يرفض تطبيق دستور علماني في بلاده. وظلت مناطق واسعة في السودان تشهد منذ نحو ثلاثة أسابيع موجة احتجاجات بسبب الأوضاع الاقتصادية بعد أن فقدت عائدات النفط التي تجمدت إثر انفصال الجنوب، وإغلاق جوبا لآبار النفط إثر خلافات حول أسعار العبور إلى التصدير، وتقول تقارير لعدد من المنظمات إن عدد الذين اعتقلتهم السلطات السودانية بسبب المظاهرات فاق ألفي ناشط ومتظاهر. وظلت الحكومات السودانية تعلن أنها تطبق الشريعة الإسلامية منذ عام 1983 خلال فترة حكم الرئيس الأسبق الراحل جعفر نميري، وهي التي أدت إلى اندلاع الحرب في الجنوب لأكثر من 22 عاما، ولم يتم إلغاؤها في فترة الحكم الديمقراطي التي حكم فيها الصادق المهدي، وعند استيلاء البشير على السلطة عبر الانقلاب العسكري أعلن تطبيق الشريعة الإسلامية في عام 1991، ثم بعد كتابة الدستور في عام 1998، وفي الدستور الانتقالي (2005) بعد توقيع اتفاقية السلام مع الجنوبيين، نص على أن شمال السودان يحكم بالشريعة الإسلامية، وبعد انفصال الجنوب في يوليو (تموز) العام الماضي، وصف البشير تلك الشريعة التي كانت مطبقة ب«المدغمسة»، بمعنى أنها غير معروفة. وكانت أحزاب المعارضة السودانية قد دعت إلى تنفيذ إضرابات واعتصامات ومظاهرات لإسقاط حكم البشير ملقية بثقلها وراء احتجاجات ضد التقشف شهدها السودان في الآونة الأخيرة تضمنت أيضا دعوات لزيادة الحريات، ووقعت على وثيقة الأسبوع الماضي سمتها «البديل الديمقراطي» بعد إسقاط النظام. من جهة أخرى، أعلن حزب المؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي، اعتقال الأمين السياسي للحزب كمال عمر عبد السلام في وقت متأخر من ليلة السبت، وقالت زوجته ل«الشرق الأوسط» إن قوات الأمن اعتقلته عند الساعة الحادية عشرة مساء السبت بتوقيت السودان المحلي (الثانية صباحا بتوقيت غرينتش)، وإنها لا تعلم الجهة التي اقتيد إليها، وأضافت أن قوات الأمن جاءت بسيارتين وأنهم تعاملوا بتهذيب، وقالت «كان زوجي كمال نائما وطلب مني ضابط الأمن أن أوقظه، وعندما جاء إليهم قالوا له احمل احتياجاتك»، وتابعت «يبدو أنه سيمكث فترة»، مشيرة إلى أن كمال كان سيشارك في برنامج «الاتجاه المعاكس» في قناة «الجزيرة» غدا (الثلاثاء)، وقالت «أرجح أن يكون اعتقاله بسبب المشاركة في ذلك البرنامج المخصص حول السودان والمظاهرات التي يشهدها»، وتابعت «لكننا تعودنا اعتقاله كلما كان هناك حراك سياسي في البلاد»، وأوضحت أن نجلها ذهب إلى مكاتب الأمن السياسي لكن لم يتمكن من مقابلة والده لأن إجراءات الزيارة تتم بعد 72 ساعة. من جهته، أكد مساعد الأمين العام للمؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة، نبأ اعتقال الأمين السياسي كمال عمر، ولم يرد على الفور تعقيب من أجهزة الأمن.