وسط أجواء مشحونة وصدامات بين محتجين والشرطة الأميركية اجتمع زعماء حلف شمال الأطلسي في شيكاغو أمس في قمة سترسم طريقا للخروج من أفغانستان بينما تسعى الدول الغربية إلى درء الخلافات داخل الحلف وضمان أن تتمكن كابول من التصدي لحركة طالبان عند انسحاب القوات الأجنبية. ومن المتوقع أن تناقش القمة الوضع في أفغانستان فيما تفكر بعض الدول الأعضاء في الحلف في تقليص مساندتها لحملة مكلفة لم تنجح في هزيمة طالبان خلال أكثر من عشر سنوات. ومن المتوقع أن تؤكد إدارة أوباما الذي يسعى لإعادة انتخابه لفترة ثانية في انتخابات الرئاسة في نوفمبر على الرؤية المشتركة للحلف المتعلقة بالانسحاب التدريجي لمعظم قوات الحلف التي تبلغ نحو 130 ألف جندي بنهاية 2014. كما ستلقي الضوء على جهود أفغانستان لتحمل مسؤولية أمنها. وقد تتسم المحادثات بوجود شقاق تحت السطح بين زعماء واشنطن وبروكسل وغيرها من الدول مثل فرنسا التي ترغب في سحب قواتها من أفغانستان بسرعة. و تواجه شرطة شيكاغو أكبر اختبار عندما ينظم آلاف المتظاهرين مسيرة كما هو متوقع قرب الموقع الذي يبدأ فيه زعماء هذا الحلف العسكري اجتماعا لمدة يومين. وقالت إدارة شرطة شيكاغو إن الاحتجاجات السابقة خلال الفترة التي سبقت القمة اتسمت بالنشاط المكثف لكنها كانت سلمية وأسفرت عن اعتقال نحو 20 شخصا على مدى الأيام الستة الماضية. وفي أعقاب قمة مجموعة الثماني في كامب ديفيد سيكون اوباما الذي يقوم بحملة لإعادة انتخابه في نوفمبر المقبل، محاطا بخمسين من قادة الدول وفدوا من كل أنحاء العالم، ما يجعل هذه القمة "الأكثر أهمية" منذ إنشاء الحلف الأطلسي قبل أكثر من ستين عاما بحسب الحلف. وإضافة إلى الدول ال28 في أوروبا وأمريكا الشمالية الأعضاء في الحلف، ستشارك في القمة دول من آسيا والشرق الأوسط كانت انضمت إلى قوات التحالف الدولي في أفغانستان. وهي أول قمة للحلف الأطلسي تعقد على الأراضي الأميركية منذ أكثر من عشر سنوات. وسيجتمع القادة في قصر مترام للمؤتمرات وسط تدابير أمنية مشددة، على أن يبحثوا استراتيجية "إنهاء المهمة" في أفغانستان تمهيدا لانسحاب 130 ألف جندي ينتشرون حاليا في هذا البلد بحلول نهاية 2014. ويحتفظ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندرس فوغ راسموسن على ما يبدو بمقولته "دخلنا معا وسنخرج معا"، وذلك رغم أن فرنسا قررت تسريع وتيرة سحب قواتها المقاتلة مع نهاية هذا العام. وأعلن الرئيس الفرنسي الجديد فرنسوا هولاند ذلك لدى وصوله إلى واشنطن الجمعة أثناء لقاء مع اوباما مؤكدا أن هذا الوعد الذي قطعه أثناء الحملة الانتخابية "غير قابل للتفاوض". وأوضح هولاند عقب قمة مجموعة الثماني "بشأن تنظيم الانسحاب، أي في العام 2012، بأي وتيرة ستنسحب القوات القتالية من أفغانستان، ستعقد اجتماعات طوال الأيام المقبلة في فرنسا مع وزير الدفاع وقادة الأركان". وأضاف "لا أقول أن الرئيس اوباما وافق على ما قلته له". لكن وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان أكد انه تم "تفهم" الموقف الفرنسي على ما يبدو، متوقعا أن تشهد هذه القمة "تفاهما" حول هذه المسألة. ويتوقع أن يعقد هولاند لقاء ثنائيا مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بحسب جهازه الصحافي. كما التقى الرئيس اوباما من جهته مع نظيره الأفغاني حميد كرزاي قبل القمة . ويبدو أن الناشطين من دعاة السلام وفي حركة "احتلال" سيغتنمون فرصة وجود هؤلاء القادة لتنظيم مسيرة في وسط شيكاغو بعد أن تظاهروا بصخب يومي الجمعة والسبت. وتمت تعبئة عدد كبير من قوات الأمن مع زوارق سريعة لخفر السواحل مجهزة برشاشات تجوب نهر شيكاغو وبحيرة ميشيغن لتفادي أي تجاوزات من شأنها التأثير سلبا على حصيلة القمة وبالتالي على صورة اوباما. وفضلا عن موضوع أفغانستان، ثمة أولوية أخرى للقمة هي إضفاء الطابع الرسمي على المرحلة الأولى من مشروع الأطلسي نشر الدرع المضادة للصواريخ، الرامي إلى حماية أوروبا من صواريخ قد تطلق من الشرق الأوسط، وخصوصا من إيران. وهذا المشروع الطموح الذي يستند إلى تكنولوجيا أميركية يثير انتقاد روسيا التي ترى فيه تهديدا لأمنها، الأمر الذي ينفيه الحلف. ويتوقع أن يعرض راسموسن أيضا 25 مشروع تعاون في إطار برنامج "الدفاع الذكي" (سمارت ديفنس) الذي يهدف إلى الحد من تأثير خفض النفقات العسكرية، وخصوصا في أوروبا.