يبحث ملايين الرياضيين ومئات ملايين الناس حول العالم في الرياضة عن الاسترخاء والراحة النفسية والتخفف من الضغوط والإجهاد. لكن ليست هذه الحال بالنسبة للرياضيين المحترفين الذين يمارسون الرياضات النخبوية، فالمهنة تجلب لهؤلاء صعوبات نفسية شديدة، ولا تبقى، في كثير من الحالات، دون نتائج سلبية عليهم. رياضيو النخبة، ذكورا واناثا، غالبا ما يعانون القلق والتقطع في النوم، والاكتئاب، والإحباط، وفقدان الشهية، وهو ما أظهرته دراسة فرنسية حديثة عن الضغوط التي يتعرض لها رياضيو النخبة، وتأثيرها في نفسياتهم والأمراض التي قد تنجم عنها. القليل من الدراسات يركز على الصحة النفسية للرياضيين المحترفين في الرياضات الرفيعة، أما معهد الدراسات الوبائية في الرياضة الفرنسي، فقد أجرى دراسة قيمة عن المتاعب النفسية الرئيسية التي يواجهها الرياضيون المحترفون في افرع الرياضة الرفيعة، العاب القوى والتغيرات في أدائهم. تشكل فريق من 12 باحثا بقيادة كارين سخال، واجرى على 2067 رياضيا (ذكور وإناث) تحليلات ذات متغيرات متعددة على بيانات تسنى الحصول عليها على مستوى قومي من التقييمات النفسية السنوية للرياضيين في العاب القوى. الغنية تمثل 13 في المائة من مجتمع لاعب القوى الفرنسيين، وأظهرت أن 17 في المائة من هؤلاء الرياضيين لديهم الآن، أو تعرضوا مؤخراً لاضطراب نفسي واحد على الأقل. اضطرابات وكان الاضطراب الناجم عن القلق العام الذي يرمز إليه بالاختصار GAD هو الأكثر شيوعاً (60 %)، ثم الاضطرابات المتعلقة بالنظام الغذائية (4.2 %)، وبشكل عام تبين أن 20.2 في المائة على الأقل من النساء يعانين من اضطراب نفسي ما، مقارنة بنسبة 15.1 في المائة من الرجال. وينطبق هذا الطغيان النسائي على الإصابة بالقلق، واضطراب النظام الغذائي والاكتئاب والأرق والسلوكيات المؤذية للنفس. وظهرت أعلى معدلات الإصابة بالاضطراب الناجم عن القلق العام GAD في الرياضيات الجمالية Aestheic Sports. %16.7 مقابل 6.8 في الرياضات الأخرى للرجال38.9 % مقابل 103 % للنساء وكان الأداء الأدنى في الرياضيات التي تنطوي على مخاطر عالية 3% للرجال مقابل 3.5 % للنساء. وتبين أن الاضطرابات ذات الصلة بالنظام الغذائي كانت اكثر شيوعا عند النساء في رياضات السباق 14 % لهذه الرياضة مقابل 9 % للرياضات الأخرى، ولكن بالنسبة للرجال تبين إنها في الرياضيات القتالية 7 % مقابل 4.8 للرياضيات الأخرى. رياضيوا النخبة ألقت الدراسة الضوء أيضا على الفروقات المهمة في الصحة النفسية بين رياضيي العاب القوى الذكور والرياضيات الاناث، الامر الذي يظهر ان الفروقات المبينة على الجنس (ذكر أو أنثى) في المجتمع بأسره تنطبق على رياضيي النخبة، في حين أن انتشار المشكلات النفسية لا يفوق معدلاته في المجتمع، إلا أن التغيرات في الصحة النفسية في الرياضات المختلفة تشي بأن بعض القيود قد تؤثر على نحو يجعل الشخص يصاب ببعض الاضطرابات. مع تطور بحوث علم النفس الرياضي التطبيقي على مدى العقود الماضية، تحول الاهتمام إلى الصحة النفسية لرياضيي النخبة في العاب القوى، الذين يقدمون على استثمارات عقلية ونفسية هائلة في رياضاتهم، ويتعاملون مع الضغوط الهائلة من أجل تحقيق النجاح على المستوى الدولي. فالمشاركة الرياضية للكثيرين، تمثل تنفساً اجتماعياً وترفيهياً، إضافة إلى كونها وسيلة فعالة للتأقلم مع الإجهاد، ودرء الإصابة ببعض المشكلات النفسية كالاكتئاب أو القلق أو الاضطراب، ومع ذلك، فإن ممارسة رياضة ما، ذات متابعة جماهيرية كبرى، تقدم مجموعة مختلفة تماماً من الظروف. فبعض المسائل النفسية التي تظهر على مستوى النخبة وضمن رياضات معينة، خضعت لدراسة معمقة وحظيت أحياناً بتغطية إعلامية واسعة، كما هي الحال بالنسبة للاكتئاب والقلق الناجمين عن الصعود إلى الحلبات الدولية الذي يتيح لهم النجاح في حين يتم استبعاد آخرين من المسابقة. وهذه الصلابة الذهنية لا تعني الحصانة الكاملة من الإصابة بالأمراض النفسية، بل على العكس من ذلك، فإن الضغوط المتزايدة على الرياضيين من المستويات العليا قد تسهل إصاباتهم بالمشكلات النفسية. دراسة الفروقات ومع زيادة مشاركة المرأة في الرياضات، التي تخطى بمتابعات جماهيرية واسعة، فان دراسة الفروقات بين الجنسين في الكثير من أوجه الرياضة والتمارين، ازدهرت كأحد ميادين البحث المهمة، وفي حين يعتمد جزء كبير من الأدب على الفوارق النفسية بين الجنسين للمجتمع بأسره، فان البيانات النفسية حول الذكور والإناث لدى رياضيي النخبة في ألعاب القوى، لا تزال شحيحة. ففي المجتمعات ككل، تصاب النساء بالاكتئاب والقلق ضعفي نسبة نظرائهن من الرجال تقريباً. وتعاني النساء من الاضطرابات في النظام الغذائي بنسبة تزيد من 6 إلى 10 مرات عن الرجال. لكن الرجال يتفوقون على النساء بنسبة كبيرة في معاقرة الخمور وتعاطي المخدرات. ومن المنطقي إذا أن نتوقع أن تكون الحال كذلك عند مجتمع رياضيي النخبة في العاب القوى. وفي حدود علمنا، لم تنشر أي دراسة حتى الآن، قامت بجمع البيانات حول الوضع النفسي لمجموعة واسعة من لاعبي القوى لتكون بمنزلة عيّنة لبلد ما. وتهدف هذه الدراسة إلى عرض الأشكال الرئيسية للاضطرابات النفسية التي يتعرض لها اللاعبون في الرياضات التي تحظى بمشاهدة جماهيرية واسعة، وسيكون تركيز الدراسة على تعرّض أحد الجنسين بشكل خاص على اضطرابات نفسية بعينها، ولأن ممارسة رياضات محددة تفرض بعض المتطلبات والضغوط الخاصة على لاعبي القوى، فسوف نستكشف أيضاً حالات الإصابة بأمراض نفسية مرتبطة بشكل معين من أشكال الرياضة. مشكلات مرتبطة الاضطرابات الناجمة عن القلق كالهلع من التعرض لهجمات، والرهاب من الوحدة، والوسواس القهري، واضطرابات القلق العام، والرهاب الاجتماعي، والاكتئاب واضطرابات النظام الغذائي، وفقدان الشهية، والشره المرضي، والأفكار الانتحارية، ومحاولات الانتحار، واختلال الوظائف العقلية، وسوء استخدام المواد. المشكلات تكون مترابطة في معظم الأحيان. فمثلا، ارتبط القلق العام بالاكتئاب، وفقدان الشهية والشره المرضي وتعاطي المخدرات والأرق. وفي المقابل، ارتبط الاكتئاب بالارق والسهر والقلق والتعرض للاعتداء اللفظي أو الجسدي أو الجنسي، وتعاطي الخمرة ومحاولة الانتحار. ذكور وإناث كانت نسبة اللاعبين إلى اللاعبات أشبه بالنسبة ذاتها في المجتمع الفرنسي، أي 65 %إلى35 % تقريبا. كما كانت العينة تمثيلية أيضا على أساس العمر، وينطبق الشيء ذاته على فئة المحترفين.