(رويترز) - قتل اكثر من 40 يمنيا يوم الخميس في اشتباكات جرت في شوارع العاصمة صنعاء في حين تتزايد المخاوف من أن يفجر القتال الذي يهدف لتنحية الرئيس علي عبد الله صالح عن السلطة حربا أهلية في البلاد. ويفر السكان بالمئات من صنعاء وقد حملوا أمتعتهم على السيارات أملا في الافلات من العنف الذي أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا منذ يوم الاثنين. وكانت اعمال العنف التي دارت بين قوات امن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وبين ابناء قبيلة حاشد القوية التي يتزعمها صادق الاحمر هي الاكثر دموية التي يشهدها اليمن منذ بدأت الاحتجاجات في يناير كانون الثاني. وتنذر الاشتباكات بالانتشار الى منطاق اخرى خارج العاصمة. وقالت وزارة الدفاع اليمنية في بيان على الانترنت ان 28 شخصا على الاقل قتلوا في انفجار فجر اليوم بمنطقة لتخزين أسلحة في صنعاء. وتجول مقاتلون يرتدون ملابس مدنية في بعض احياء العاصمة في حين سمع دوي اطلاق الرصاص من بنادق الية بشكل متقطع. كما سمع دوي انفجارات متفرقة في العاصمة بالقرب من منطقة الاحتجاجات حيث يطالب الاف المعتصمين بتنحي صالح بعد ان حكم البلاد لمدة تقارب 33 عاما. واختلط الدخان الاسود المتصاعد من قذائف المورتر بسحابة من الغبار والتلوث تخيم على صنعاء. وقالت وزارة الخارجية البريطانية يوم الخميس ان بريطانيا ستقلص عدد العاملين في سفارتها باليمن بسبب العنف هناك. وقال وزير الخارجية وليام هيج في بيان "في ضوء الوضع الامني المتدهور قررت اليوم تقليص عدد العاملين في سفارتنا الى مستوى يكفي فقط للعمل بشأن اكثر المصالح البريطانية الحاحا وحيوية في اليمن.. من خلال السحب المؤقت لاربعة اعضاء من طاقم العاملين لدينا." وتحاول الولاياتالمتحدة والسعودية -اللتان تعرضتا لهجمات تم احباطها من جانب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتمركز في اليمن- نزع فتيل الازمة والحيلولة دون انتشار الفوضى التي من شأنها أن تمنح القاعدة مجالا أوسع للحركة. وهناك مخاوف من أن يصبح اليمن وهو على شفا الانهيار الاقتصادي دولة فاشلة تمثل خطرا كبيرا على الامن الاقليمي وعلى السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم. وفي اجتماع في منتجع دوفيل بفرنسا دعا زعماء مجموعة الثماني صالح للتنحي في محاولة لتفادي الحرب الاهلية التي بدأت تشتعل في منطقة من العالم في وقت يحاولون فيه مساعدة الديمقراطيات الناشئة في مناطق أخرى. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية "ندين القتال الذي وقع الليلة الماضية والذي هو نتيجة مباشرة للمأزق السياسي الحالي الذي يتحمل الرئيس صالح المسؤولية المباشرة عنه لرفضه توقيع اتفاق نقل السلطة الذي تقدم به مجلس التعاون الخليجي." وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في مؤتمر صحفي في باريس "ندعو كل الاطراف ... الى التوقف فورا عن العنف." وقالت "نواصل تأييدنا ليمن موحد ومستقر كما نستمر في تأييد رحيل الرئيس صالح الذي وافق باستمرار على التنحي عن السلطة ثم تراجع باستمرار عن تلك الاتفاقات." وأمرت الولاياتالمتحدة كل دبلوماسييها غير الاساسيين وأفراد أسر العاملين بسفارتها في صنعاء بمغادرة البلاد. وقالت الخارجية الامريكية "مستوى التهديد الامني في اليمن مرتفع للغاية بسبب الانشطة الارهابية والاضطرابات المدنية. هناك اضطرابات مدنية مستمرة في ارجاء البلاد واحتجاجات واسعة النطاق في المدن الرئيسية." وأمر المدعي العام اليمني باعتقال زعماء متمردين لاتحاد عشائري تقوده عائلة الاحمر وقال مسؤول حكومي ان مقر قناة تلفزيونية تابعة للمعارضة "دمر" دون أن يقدم تفاصيل. وقال الشيخ صادق الاحمر لرويترز انه ليست هناك فرصة للوساطة مع صالح ودعا القوى الاقليمية والعالمية الى اجبار الرئيس اليمني على ترك السلطة قبل أن ينزلق اليمن الى حرب أهلية. وقال الاحمر "علي عبد الله صالح كذاب.. كذاب.. كذاب". وقال انه حازم على مواجهة صالح وانه سيخرج في النهاية من اليمن حافي القدمين. وذكر صالح يوم الاربعاء أنه لن يقدم تنازلات أخرى لمن يطالبون برحيله على الرغم من تصاعد الاحتجاجات والضغوط الدولية. وبدت أجواء الحرب تخيم على صنعاء مع تصاعد القتال الان بعد ان ظلت الازمة بين صالح ومعارضيه لاشهر تحت السيطرة. وامتدت الطوابير أمام المخابز والبنوك ومحطات البنزين في صنعاء بينما يسعى السكان لتخزين الطعام والحصول على المال قبل أن يفروا الى مناطق أكثر أمنا. وفتحت عدة متاجر للالكترونيات ابوابها لكنها خلت تقريبا من المشترين الذين تزاحموا على متاجر الاطعمة. وتركزت أحدث الاشتباكات في منطقة بشمال صنعاء حيث يحاول مقاتلون تابعون للاحمر السيطرة على مبان حكومية. وتناثر الزجاج المحطم على الارض وأقيم مستشفى متنقل مما يدل على الضرر الذي لحق بمنزل الاحمر بينما سمع سكان صنعاء أصوات انفجارات تهز المدينة في منتصف الليل. وقال مسؤول حكومي ان المطار اغلق لفترة قصيرة بسبب القتال لكنه عاد الى العمل. وتفجرت أحدث جولات القتال بعد يوم من تراجع صالح للمرة الثالثة عن توقيع اتفاق توسطت فيه دول خليجية يضمن تنحيه ويمهد الطريق أمام تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتتصاعد الضغوط منذ فبراير شباط عندما بدأ محتجون استلهموا الثورتين المصرية والتونسية في الاعتصام بالميادين وتنظيم مسيرات شارك فيها مئات الالاف لمطالبة صالح بالتنحي. وأسفرت محاولات صالح لاخماد الاحتجاجات بالقوة عن مقتل 260 شخصا. وعقد ائتلاف لاحزاب المعارضة وقف الى جانب المحتجين اجتماعا طارئا يوم الخميس لبحث ما وصفه باصرار صالح على جر اليمن الى الحرب الاهلية. وقال الائتلاف في بيان ان المعارضة تدعو الرئيس صالح لوقف القتال والاستجابة لمطالب الشعب اليمني بالتخلي الفوري والعاجل عن السلطة. وقال شهود ومسؤولون ان أنصارا للاحمر زعيم اتحاد عشائر حاشد التي تضم أيضا قبيلة سنحان التي ينتمي اليها صالح سيطروا على عدة مبان وزارية بالقرب من مقر الاحمر ومن بينها وزارتا التجارة والسياحة الى جانب مكاتب وكالة الانباء اليمنية (سبأ). وقال صالح لمجموعة من الصحفيين المختارين ومن بينهم صحفي من رويترز ان حكومته صامدة. وفي مقر الاعتصام اعرب محتجون عن تخوفهم من مجريات الاحداث وما وصفوه باستعداد صالح لاشعال حرب اهلية بدلا من رحيله. وقال الطبيب احمد الملاحي (39 عاما) "عائلة الاحمر جزء من الثورة والرئيس يريد تحويلها الى حرب اهلية. "هذا الرئيس قمعنا. تصور انه مع موارد اليمن الكثيرة يعيش الشعب اليمني في فقر مدقع... لا يوجد شعب اخر في شبه الجزيرة العربية يعيش تحت هذه الظروف.. الفقر والتخلف والبطالة والفساد. "كل العائدات الحكومية وكل المساعدات الاجنبية تذهب الى جيوبهم مباشرة." وقال محتجون كثيرون انهم عازمون على مواصلة الاحتجاج لانهم لا يرون لاولادهم مستقبلا في ظل حكم صالح. وقال محمد الجرادي (50 عاما) العسكري المتقاعد "صالح دمر بلادنا وشبابنا.. لقد سحق مستقبلنا وقد قبلنا قدرنا لكننا نريد ان ننقذ مستقبل ابنائنا. ولهذا لن نتراجع ولن نسكت حتى يكون لابنائنا مستقبل افضل."