قال علماء في مركز ابحاث الفيزياء التابع للمنظمة الاوروبية للابحاث النووية يوم الجمعة انهم حققوا تصادما بين جسيمات بكثافة قياسية في انجاز مهم في برنامجهم لكشف اسرار الكون. وجاء التطور في الساعات الاولى بعد تغذية مصادم الهدرونات الكبير بحزمة اشعة بها جسيمات اكثر بحوالي ستة في المئة لكل وحدة بالمقارنة مع المستوى القياسي السابق الذي سجله مصادم تيفاترون التابع لمختبر فرميلاب الامريكي العام الماضي. وكل تصادم في النفق الدائري لمصادم الهدرونات البالغ طوله 27 كيلومترا تحت الارض بسرعة أقل من سرعة الضوء يحدث محاكاة للانفجار العظيم الذي يفسر به علماء نشوء الكون قبل 13.7 مليار سنة. وكلما زادت "كثافة الحزمة" او ارتفع عدد الجسيمات فيها زاد عدد التصادمات التي تحدث وزادت ايضا المادة التي يكون على العلماء تحليلها. ويجري فعليا انتاج ملايين كثيرة من هذه "الانفجارات العظيمة المصغرة" يوميا. وقال رولف هوير المدير العام للمنظمة الاوروبية للابحاث النووية ومقرها على الحدود الفرنسية السويسرية قرب جنيف ان "كثافة الحزمة هي الاساس لنجاح مصادم الهدرونات الكبير.. ولذا فهذه خطوة مهمة جدا". واضاف "الكثافة الاعلى تعني مزيدا من البيانات.. ومزيد من البيانات يعني امكانية اكبر للكشف". وقال سيرجيو برتولوتشي مدير الابحاث في المنظمة "يوجد احساس ملموس بأننا على اعتاب كشف جديد". وفي حين زاد الفيزيائيون والمهندسون في المنظمة كثافة حزم الاشعة على مدى الاسبوع المنصرم قال جيمس جيليه المتحدث باسم المنظمة انهم جمعوا معلومات تزيد على ما جمعوه على مدى تسعة اشهر من عمل مصادم الهدرونات في 2010 . وتخزن تلك المعلومات على الاف من اقراص الكمبيوتر. ويمثل المصادم البالغة تكلفته عشرة مليارات دولار أكبر تجربة علمية منفردة في العالم وقد بدأ تشغيله في نهاية مارس اذار 2010 . وبعد الاغلاق الدائم لمصادم تيفاترون في الخريف القادم سيصبح مصادم الهدرونات المصادم الكبير الوحيد الموجود في العالم. ومن بين اهداف مصادم الهدرونات الكبير معرفة ما اذا كان الجسيم البسيط المعروف باسم جسيم هيجز او بوزون هيجز موجود فعليا. ويحمل الجسيم اسم العالم البريطاني بيتر هيجز الذي كان اول من افترض وجوده كعامل أعطي الكتلة للجسيمات بعد الانفجار العظيم. ومن خلال متابعة التصادمات على اجهزة الكمبيوتر في المنظمة الاوروبية للابحاث النووية وفي معامل في انحاء العالم مرتبطة بها يأمل العلماء أيضا ان يجدوا دليلا قويا على وجود المادة المعتمة التي يعتقد انها تشكل حوالي ربع الكون المعروف وربما الطاقة المعتمة التي يعتقد انها تمثل حوالي 70 في المئة من الكون. ويقول علماء الفلك ان تجارب المنظمة الاوروبية للابحاث النووية قد تلقي الضوء ايضا على نظريات جديدة بازغة تشير الى ان الكون المعروف هو مجرد جزء من نظام لاكوان كثيرة غير مرئية لبعضها البعض ولا توجد وسائل للتواصل بينها. ويأملون ايضا ان يقدم مصادم الهدرونات الكبير الذي سيبقى يعمل على مدى عقد بعد توقف فني لمدة عام في 2013 بعض الدعم لدلائل يتعقبها باحثون اخرون على ان الكون المعروف سبقه كون اخر قبل الانفجار العظيم. وبعد التوقف عام 2013 يهدف علماء المنظمة الاوروبية للابحاث النووية الى زيادة الطاقة الكلية لكل تصادم بين الجسيمات من الحد الاقصى الحالي البالغ 7 تيرا الكترون فولت الى 14 تيرا الكترون فولت. وسيزيد ذلك ايضا من فرصة التوصل لاكتشافات جديدة فيما تصفه المنظمة بأنه "الفيزياء الجديدة" بما يدفع المعرفة لتجاوز ما يسمى النموذج العياري المعتمد على نظريات العالم البرت اينشتاين في اوائل القرن العشرين.