تظاهر الآلاف في عدة مدن سورية اليوم الجمعة للمطالبة بالحرية والوحدة الوطنية، وذلك غداة الاعلان عن تشكيل حكومة جديدة كلفت بتنفيذ برنامج الاصلاحات المعلن لتهدئة موجة التظاهرات غير المسبوقة في البلاد، وقرار رئاسي بالافراج عن جميع الموقوفين على خلفية الاحداث. وقال ناشط حقوقي، رفض الكشف عن اسمه، إن "بين 2500 وثلاثة آلاف شخص تظاهروا في ساحة السرايا في وسط مدينة درعا وهم يرددون شعارات مناهضة للنظام، ورددوا هتافات من بينها "الموت ولا المزلة". وأشار الناشط إلى أن هناك "المزيد من المتظاهرين الذين يتوافدون من القرى المجاورة للانضمام الى هذه المظاهرة"، مشيرا الى ان قوى الامن "لم تتدخل". وفي شمال شرقي سوريا التي يشكل غالبيتها الاكراد، جرت تظاهرات للاسبوع الثاني في عدة مدن، وقال الناشط الحقوقي حسن برو إن "اكثر من خمسة آلاف شخص خرجوا للتظاهر في القامشلي شمال غربي دمشق، وساروا من جامع قاسمو باتجاه دوار التمثال في جنوبالمدينة وهم يحملون اعلاما سورية ولافتات". وأشار إلى أن اللافتات كتب عليها "لاكردية لا عربية بدنا وحدة وطنية، ومن القامشلي لحوران الشعب السوري ما بينهان". كما رددوا هتافات تنادي بالحرية والتضامن مع بانياس ودرعا، مضيفا أن "اكثر من الفي شخص تظاهروا في كل من ناحية عامودا والدرباسية التابعتين للحسكة". وأوضح أن "تظاهرة قام بها نحو 300 شخص في رأس العين شمالي الحسكة انطلقت من جامع الاسد باتجاه الدرباسية"، موضحا أن قوات الامن لم تتدخل لتفريق المظاهرات التي تفرقت من تلقاء نفسها. وفي دمشق، قال رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم ريحاوي للوكالة إن "عشرات الاشخاص تجمعوا امام جامع في برزة عند انتهاء الصلاة"، مشيرا إلى "اشتباك بين الشرطة والمتظاهرين قام على اثره المتظاهرون بالقاء الحجارة على الشرطة." وفي حمص افاد الناشط الحقوقي نجاتي طيارة لوكالة فرانس برس ان "نحو اربعة آلاف شاركوا في التظاهرة بعد صلاة الجمعة وهم يهتفون "حرية حرية"، وأضاف طيارة أن "قوات الامن تدخلت بعد نحو ساعة من اندلاع التظاهرة وفرقت المتظاهرين بالهراوات". وفي مدينة بانياس الساحلية شمال غربي دمشق التي شهدت اياما دامية مؤخرا، ذكر ناشط حقوقي ان "نحو 1500 شخص تجمعوا امام جامع ابو بكر بعد ان اقاموا صلاة الغائب على ارواح شهداء الاسبوع الماضي". واضاف الناشط أن المشاركين كانوا يهتفون "حرية سلمية" و"بالروح بالدم نفديك يا شهيد"، وفي اللاذقية، تجمع "نحو الف شخص في ساحة اوغاريت في مركز المدينة للمطالبة باطلاق الحريات" بحسب ناشط حقوقي هناك. وبث ناشطون على موقع الفيديو "يوتيوب" شريطا قال إنها لمظاهرة في بلدة داريا (ريف دمشق) شارك فيها المئات وهم يهتفون بشعارات مناهضة للنظام. كما يبدو في الشريط المشاركون وهم يحملون لافتات تدعو للتضامن مع بانياس الساحلية وللوحدة الوطنية ونبذ الطائفية. وبث الموقع عدة اشرطة لتظاهرات جرت في حلب وطرطوس ودير الزور وحماة وبعض البلديات في ريف دمشق. كما فرقت قوات الامن السورية بالقوة الخميس تظاهرة احتجاجية شارك فيها حوالى 150 شخصا في السويداء معقل الدروز في جنوب سوريا، للمطالبة باطلاق الحريات العامة، كما اكد لوكالة فرانس برس ناشط سياسي. وهي اول تظاهرة تجري في منطقة درزية في سوريا منذ بدأت الحركة الاحتجاجية ضد النظام منتصف آذار/مارس. وكان منظمو الاحتجاجات في سوريا قد دعوا الى متابعة التظاهر في يوم "جمعة الاصرار" للتعبير عن "الاصرار على المطالب والاصرار على الحرية والاصرار على السلمية". وتأتي التظاهرات غداة تشكيل حكومة جديدة برئاسة عادل سفر خلفا لحكومة محمد ناجي عطري التي استقالت عقب الاحتجاجات. وسيكون من مهام حكومة سفر البدء بتنفيذ برنامج الاصلاحات التي اعلنتها القيادة السورية. ومن اهم هذه الاجراءات التي اعلنتها بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الاسد دراسة الغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ 1963 واعداد مشروع قانون للاحزاب وزيادة رواتب الموظفين في القطاع العام واجراءات لمكافحة الفساد. واعتبرت صحيفة "تشرين" الحكومية الجمعة ان الحكومة الجديدة "تنتظرها مهمات واستحقاقات كبيرة" مضيفة ان "المهمة بالتأكيد ليست سهلة". وتابعت الصحيفة "خلال الايام الماضية خرج المواطنون بتظاهرات ومسيرات لتحديد مطالبهم ... الرسالة وصلت الى الحكومة الجديدة وعليها ان تبدأ من اليوم العمل بهذا الاتجاه دون تباطؤ أو تأخير أو تسويف". واضافت ان "الملفات التي يعتبرها المواطن أولوية، كثيرة تبدأ من فرص العمل وتمتد الى قائمة لا تنتهي بل تتجدد باستمرار، وهي محقة" مشيرة الى ضرورة "وضع جداول زمنية واضحة تتحمل فيها كل جهة مسئوليتها عن التنفيذ" في حال "تعذر تلبيتها مباشرة". ولفتت الصحيفة الى "قصور أو تأخير شهدته المرحلة الماضية في تنفيذ بعض القضايا الملحة (...) مما جعل بعض هذه القضايا يستفحل حتى يصعب علاجه". وتشهد سوريا موجة من التظاهرات غير المسبوقة في مناطق عدة من البلاد للمطالبة باصلاحات واطلاق الحريات العامة والغاء قانون الطوارئ ومكافحة الفساد وتحسين المستوى المعيشي والخدمي للمواطنين.