رفعت السلطات السورية الأربعاء، الحظر عن المدرسات اللواتي يرتدين النقاب، وأمرت بإغلاق كازينو للقمار، في خطوة تبدو أنها لاسترضاء المسلمين السُنة (الأغلبية) في البلاد، التي شهدت أسابيع من انتفاضة شعبية ضد الأقلية الحاكمة (العلوية). وفي الشهر الماضي اندلعت احتجاجات مطالبة للحريات في منطقة درعا الجنوبية، التي تقطنها غالبية سُنيّة، وانتشرت لاحقًا إلى مدن أخرى بما في ذلك مدينة اللاذقية الّتي تقطنها طوائف متعددة، في أكبر تحد لحكم الأسد منذ 11 عامًا. وتظاهر آلاف الأشخاص في دوما (ضاحية بدمشق)، الجمعة، وعبروا عن عدم رضاهم بالمبادرة التي قام بها الرئيس بشار الأسد تجاه الإصلاح. واعتبرت القرارات التي اتخذت اليوم الأربعاء محاولة لتهدئة مشاعر الأكثرية السنية في البلاد، التي تحكمها أقلية الطائفة العلوية وهي فرع من المذهب الشيعي. ونقلت الوكالة السورية للأنباء (سانا) عن وزير التربية في حكومة تسيير الأعمال قوله: إنّ الوزارة قرّرت السماح للمعلمات اللواتي يرتدين النقاب بالعودة إلى عملهن. وكان الأسد فرض حظر النقاب العام الماضي. وأعلنت صحيفة تشرين السورية عن إغلاق الكازينو الوحيد في البلاد لحين (تسوية أوضاع أعمال الصالة بما ينسجم مع الأنظمة والقوانين النافذة). ويُسيطر حزب البعث على الحكم في سورية منذ 48 عامًا، ولم يتهاون الرئيس الراحل حافظ الأسد مع انتفاضة شعبية طالته عام 1982 وأرسل قوات خاصة أدت إلى مقتل الآلاف. * * * إلغاء (الطوارئ) * * * من جانبه، قال مسئول سوري إنّ البرلمان سيجتمع في جلسة استثنائية مطلع مايو المقبل لإقرار مجموعة من القوانين المنظمة للحياة السياسية، من بينها قانون بديل لقانون الطوارئ، الذي سيعلن إلغاؤه؛ في محاولة لتهدئة انتفاضة شعبية يواجهها حكم حزب البعث (العلوي) الذي يسيطر على البلاد منذ عام 1963. وأشار المسئول السوري الذي رفض ذكر اسمه في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، إلى أنّ (جلسة استثنائية ستعقد من 2 إلى 6 مايو ستقر قوانين ذات طابع سياسي واجتماعي تندرج ضمن برنامج الإصلاح، الذي ينوي الرئيس بشار الأسد القيام به). وأضاف: (سيكون من بين هذه القوانين التشريعات الجديدة المتضمنة قانونًا بديلاً عن قانون الطوارئ)، مشيرًا إلى أنّ (المشرعين الذي كلفوا بوضعه على وشك الانتهاء منه، وسيقدمونه قبل نهاية الأسبوع إلى رئيس الدولة). وأوضح المسئول أنّ الأسد (ينوي دعوة عدد من وجوه المجتمع المدني إلى تقديم ملاحظاتهم -على مشروع القانون- قبل تقديمه إلى الحكومة التي ستقدمه إلى مجلس الشعب لإقراره بعد الموافقة عليه). وكان الأسد أمر بتشكيل لجنة قانونية لإعداد دراسة تمهيدًا لإلغاء قانون الطوارئ على أن تنهي عملها قبل 25 أبريل الجاري. وصدر قانون إعلان حالة الطوارئ عام 1962 وطبق عند وصول حزب البعث إلى السلطة عام 1963. ومثل سلفه وأبيه الرئيس الراحل حافظ الأسد، يحكم بشار البلاد بقبضة حديدية، ويواجه انتفاضة شعبية بعنف مفرط وبالرصاص الحي، وسقط عشرات الشهداء في مدن درعا واللاذقية بعض ضواحي العاصمة دمشق برصاص قوات من الأمن والجيش. وكان الأسد الأب قمع انتفاضة في مدينة حماة شمالي دمشق عام 1982، مستخدمًا المدفعية الثقيلة والطيران الحربي، وسقط في هذه العملية بحسب تقديرات منظمات حقوقية نحو 30 ألف شهيد. ويحد قانون الطوارئ إلى درجة كبيرة من الحريات العامة، إذ يفرض قيودًا على حرية التجمع والتنقل، ويسمح باعتقال المواطنين دون سبب، كما يجيز مراقبة الاتصالات والرقابة المسبقة على وسائل الإعلام. ورفض المسئول تأكيد ما إذا كان قانون الأحزاب أو قانون الإعلام يندرجان في إطار هذه المجموعة من مشاريع القوانين. وإنشاء الأحزاب في سورية يخضع لقيود صارمة. وتندرج الأحزاب فيما يسمى (جبهة الأحزاب الوطنية) يقودها بحسب الدستور حزب البعث. كما تختص القيادة القطرية للبعث باختيار اسم المرشح لرئاسة الجمهورية على أن يطرح لاحقًا للاستفتاء الشعبي. بدوره أكد النائب أحمد منير أنه (تمت دعوة النواب لعقد جلسة استثنائية في المجلس من 2 ولغاية 6 مايو القادم من دون بيان السبب)، لافتًا إلى أن (الدورة التشريعية اختتمت في 31 مارس الماضي). وأضاف النائب أن (المعطيات تؤشر إلى وجود مشاريع لقوانين أو مراسيم صدرت ودعي النواب لدراستها وإقرارها بشكل مؤسساتي بعد أن توافق عليها الحكومة الجديدة)، وتابع (من المنتظر الإعلان عنها غداة إقرارها في السابع من مايو). وكلف الأسد الأحد وزير الزراعة في الحكومة السابقة عادل سفر تشكيل الحكومة الجديدة خلفًا لحكومة محمد ناجي عطري التي قبلت استقالتها 29 مارس.