أجل مجلس الشورى أمس، حسم الجدل الحاصل بين أعضائه بشأن ما نصت عليه التعديلات المدخلة على بعض مواد مشاريع منظومة الأنظمة التمويلية العقارية الجديدة والتي كانت محل تباين وجهات النظر بين مجلسي الشورى والوزراء، من حيث الأخذ بها أو عدمه إلى جلسة مقبلة. حيث كان من المقرر خلال جلسة أمس أن يستمع مجلس الشورى إلى وجهة نظر لجنة الشؤون المالية بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه تباين وجهات النظر بين المجلسين تجاه التعديلات المدخلة على بعض مواد مشاريع هذه الأنظمة (التمويل العقاري، مراقبة شركات التمويل، الإيجار التمويلي، والرهن العقاري المسجل) وكذلك بعض مواد نظام السوق المالية، والتي اشتملت الحذف والإضافة في بعضها وتعديلات صياغية في مواد أخرى والتي أحالها مجلس الوزراء بصفة الاستعجال للبت فيها، وذلك تمهيدا لطرحها للتصويت عليها. وفيما لم يوضح مجلس الشورى في بيانه أمس أسباب تأجيل المجلس البت في التعديلات المدخلة على مشاريع الأنظمة التمويلية العقارية، أشارت مصادر داخل المجلس إلى أن السبب كان نتيجة لوجود اختلافات رأي داخل لجنة الشؤون المالية حول ما نصت عليه التعديلات المدخلة على بعض مواد هذه المشاريع، مما حدا بأعضاء اللجنة إلى الطلب من المجلس بتأجيل المناقشة. وتصطدم حالة الترقب التي يعيشها القطاع العقاري السعودي بالاختلاف في وجهات النظر بين مجلس الشورى وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء، فيما يخص نقاط جوهرية في مشاريع أنظمة التمويل العقاري الجديدة. حيث أن كثيرا من القطاعات الاقتصادية العقارية تنتظر حسم الموضوع في ظل الطلب المتزايد على المساكن في السعودية، والذي يعتقد أن الرهن العقاري والأنظمة الأخرى يمكن أن تسهم في حل هذه المشكلة. أمام ذلك، قال الدكتور عبد الله آل الشيخ رئيس مجلس الشورى إن مشاريع أنظمة التمويل العقارية مطروحة على جدول أعمال المجلس وسيتم الانتهاء منها قريباً، لافتاً إلى أن ذلك يأتي مواكبة وتنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي تؤكد على أهمية مواكبة القضايا المهمة والعاجلة التي تلامس حياة المواطن. وأكد آل الشيخ أن المجلس عمل من خلال هذه الأنظمة التي تتكامل فيما بينها على إيجاد البيئة التنظيمية والتمويلية للقطاع العقاري في المملكة وحث السوق على طرح منتجات تمويلية تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وتخدم المواطن في إيجاد حلول لمشكلة الإسكان وتمويله. ولفت إلى أن أنظمة التمويل التي تضمنها المشروع من خلال اعتمادها على آليات محددة للتمويل قد جاءت بحلول جديدة ومتنوعة لمعوقات القطاع، كما أنها وفرت حلولاً لأزمة السكن كونها تمثل أبرز ملفات القطاع العقاري والمجتمع الملحة معا، مبديا تفاؤله بأن توفر هذه الأنظمة حلولاً للعديد من التحديات التي كانت تؤرق القطاع، وتحقق العديد من الإيجابيات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وأشار رئيس مجلس الشورى إلى أن المجلس يأتي في أول اهتماماته ويعمل من خلال صلاحياته في الشأنين التنظيمي والرقابي على معالجة وتذليل المعوقات كافة التي تحد من النمو على مختلف صعده ومواكبة المتغيرات والحاجات في السوق السعودية، مبيناً أن المجلس ولجنة الشؤون المالية المتخصصة بذلا جهداً كبيراً امتد لعدة أشهر في دراسة وإقرار هذه الأنظمة المهمة. وفي موضوع ثان، أنهى مجلس الشورى أمس التصويت على مواد مشروع لائحة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، استعدادا لرفعه للملك حسبما يقتضي نظام مجلس الشورى، والذي يهدف إلى إيجاد آليات المراقبة التي بسبب غيابها تزايدت التعديات خاصة في المناطق النائية، كما يعالج الكيفية التي تتم بها معالجة الإحداث على هذه الأراضي. جاء ذلك عقب استماع المجلس إلى وجهة نظر اللجنة الخاصة بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه مشروع اللائحة، والذي أكد بدوره على أنه يهدف من هذا المشروع إلى وضع إجراءات احترازية وتنظيمية ورقابية، تتيح للأجهزة التنفيذية وإمارات المناطق آليات للعمل تكمل الأنظمة القائمة. ووسعت اللجنة الخاصة تعريف مصطلحات مشروع اللائحة ليشمل الأرض البيضاء والتعدي والأحداث، لتكون الأرض الحكومية ''الأرض المنفكة عن الملك أو الاختصاص، وتعد الأراضي المتوارثة أو المشمولة بوثائق أقطاع محل اختصاص صحابها حتى تثبت ملكيتها بصكوك شرعية''. كما عرفت التعدي على الأرض الحكومية ''وضع اليد عليها بالتسوير أو البناء أو الزراعة أو وضع العقوم، أو أي عمل من شأنه منع الغير من دخولها أو الارتفاق بها كمنع الناس من الرعي أو التنزه''. ومن أبرز ملامح اللائحة إيجاد لجان متفرغة في كل إمارة منطقة مكونة من عدد من الجهات الحكومية تتولى مراقبة الأراضي الحكومية والقيام بجولات مفاجئة غير مجدولة، كما اقترحت منح مكافأة شهرية مقطوعة قدرتها ثلاثة آلاف ريال تصرف لكل عضو في هذه اللجان مقابل عمله تصرف مع الراتب. وحددت اللائحة عدداً من العقوبات التي تعاقب المحدث والمعتدي على الأراضي الحكومية التي يؤمل منها الحد من التعدي والتي رفعت إلى غرامة قدرها 40 ألف ريال. وأوصى المجلس عبر اللجنة الخاصة، بقيام المجلس الأعلى للقضاء بإعداد لائحة للاستحكام تعالج الإحياء ووضع اليد والاستحكام وإصدار الصكوك المبنية على ذلك. كما شدد في توصية أخرى على أهمية الإسراع في تنفيذ الأوامر السامية المتعلقة بالمنح، وتكليف وزارة الشؤون البلدية والقروية باقتراح نظام لتوزيع الأراضي الحكومية يأخذ بعين الاعتبار الحاجة الملحة لمن لا يملكون سكناً من المواطنين. ومن أبرز ملامح المشروع أيضا هي أن تشكل لجنة مركزية في كل إمارة من إمارات المناطق بقرار من أمير المنطقة تسمى اللجنة المركزية لمراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، على ألا يقل مستوى أعضاء اللجنة عن الشهادة الجامعية، والذين يمثلون إمارة المنطقة ووزارات الشؤون البلدية، الزراعة، المالية، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ويرأسها ممثل من الإمارة يشترط ألا يقل مستوى تأهيله عن الشهادة الجامعية في تخصص شريعة أو أنظمة أو ما يعادلها، إضافة إلى لجان فرعية تشكل بقرار من أمير المنطقة في كل إمارة أو محافظة أو مركز تتولى مراقبة الأراضي بشكل دقيق والقيام بجولات مفاجئة والإشراف عليها سواء كانت داخل حدود المدن أو خارجها، كما سمحت اللائحة للجان بالاطلاع والرجوع على المصورات الجوية والخرائط لمعرفة المتغيرات التي طرأت على الأراضي. وألزمت اللائحة أيضا الجهات الحكومية التي تملك أراضي بيضاء بصكوك شرعية القيام بتسويرها بالبناء أو بالتعقيم أو بوضع علامات ثابتة لحفظها من التعديات، وعند رفع أي أرض مساحيا أو إقامة منشآت عليها توضيح الإحداثيات على المخطط أو الكروكي. كذلك نصت اللائحة على أن تقوم الجهات المختصة بتأمين ما تحتاج إليه لجان المراقبة من آليات ومعدات وأفراد مدنيين وعسكريين كل فيما يخصه. واشترطت اللائحة أن يكون جميع أعضاء لجنة مراقبة الأراضي الحكومية وإزالة التعديات، متفرغين لأداء أعمالهم المنوطة بهم وتكون مدة العضوية في هذه اللجنة أربع سنوات. ومن أبرز مهام هذه اللجنة مراقبة الأراضي الحكومية داخل المدن وخارجها ومنع التعدي عليها أو رمي المخلفات بها من خلال جولات غير مجدولة على الأراضي والوقوف على المواقع التي يبلغ بوجود تعديات عليها أو إحداثات فيها، والرجوع إلى المصورات الجوية لمعرفة المتغيرات التي طرأت على الأراضي وتحديد تاريخها، وللجنة كذلك تنفيذ أعمال الإزالة أو الإشراف على التنفيذ والتأكد من عدم التجاوز فيه. واستجابت اللجنة الخاصة بدراسة مشروع اللائحة لمطالبات عدد من أعضاء المجلس في تعديل اللائحة التي تعرضت للنقد الشديد في جلسات سابقة، وقررت إضافة مادة تعطي صاحب الممتلكات العقارية القديمة أو المتوارثة التي لا يوجد عليها صكوك شرعية مهلة مناسبة لإثبات ملكيتهم لها شرعاً. وشددت التعديلات على أن تراعي لجان المراقبة واللجان المركزية الملكيات المتوارثة للأفراد وفق ما تعارف الناس على ملكيته بالتوارث. كما لم تغفل اللجنة معالجة الحالات الخاصة لاعتبارات إنسانية وجب التعامل معها بمسؤولية وفقاً للمادة السابعة والعشرين من النظام الأساسي للحكم وانسجاماً مع الأمر السامي الصادر لمعالجة هذه الحالة، وشددت على إبقاء المنزل المحدث في أرض حكومية بعد عرضه على اللجنة المركزية للتأكد من حاجته للمنزل ثم تصحيح وضعه بتمليكه ذلك الموقع بعد أخذ قيمة الأرض منه وذلك بقرار من وزير الشؤون البلدية، واشترط مشروع اللائحة ألا يكون الإحداث في موقع يعترض الخدمات وليس في بقائه ضرر أو خطر على أحد وأن لا يثير مشاكل جماعية ولم يكن القصد منه إحداث هجرة جديدة.