عادت الأزمة اللبنانية السياسية إلى مربعها الأول أمس، بعد أن سقطت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري إثر استقالة وزير محسوب على رئيس الجمهورية التوافقي تلاها إعلان عشرة وزراء هم وزراء حزب الله وحلفائه استقالتهم. وجاء في بيان وزعه وزير الدولة عدنان السيد حسين "أعلن استقالتي من الحكومة، تمكينا للمؤسسات الدستورية من تشكيل حكومة جديدة تلبي طموحات اللبنانيين في الوحدة الوطنية والاستقرار الشامل". وأشار إلى أن هذه الاستقالة تأتي "بعدما هددت الخلافات السياسية أطراف الحكومة الوفاقية أو حكومة الوحدة الوطنية"، وبعد "فشل الحكومة في الاستجابة لأولويات المواطنين كما وعدت في مواجهة الضغوط المعيشية والاقتصادية وتحقيق الإصلاح المنشود". وقال السيد حسين إن استقالته تأتي كذلك انسجاما مع موقعه "كوزير توافقي في هذه الحكومة". وسبق وزراء حزب الله وحلفائه وعددهم عشرة حسين في إعلان استقالاتهم من الحكومة بعد "الطريق المسدود الذي آلت إليه الأزمة المتمحورة حول المحكمة الدولية المكلفة بالنظر في اغتيال رفيق الحريري" كما قالوا. وقال وزير الطاقة جبران باسيل الذي تلا بيان الاستقالة أمام الصحافيين والى جانبه زملاؤه التسعة من مقر الزعيم المسيحي ميشال عون في الرابية، شمال شرقي بيروت، إن الاستقالة جاءت نتيجة "التعطيل" الذي أصاب الجهود الرامية إلى "تخطي الأزمة الناتجة عن عمل المحكمة الدولية"، متهما "الفريق الآخر بالرضوخ للضغوط الخارجية، ولا سيما الأمريكية". وكان الحريري قد شكل حكومته في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 وهي تضم 30 وزيرا منهم ينتمون إلى المعارضة. وتعد الحكومة في حكم المستقيلة إذا استقال منها ثلث عدد الوزراء زائد واحد أي 11 وزيرا. وكان ساسة لبنانيون قد قالوا أمس الأول إن الجهود فشلت في التوصل إلى اتفاق للحد من التوتر السياسي حول محكمة تدعمها الأممالمتحدة، أنشئت لمحاكمة قتلة رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري. وتسببت الخلافات حول التحقيق في شل حكومة "الوحدة" وجددت المخاوف من حدوث صراع طائفي. ونفى حزب الله أي دور له في التفجير الذي أودى بحياة رفيق الحريري و22 آخرين عام 2005. وندد حزب الله بالمحكمة التي وصفها بأنها "مشروع إسرائيلي" وحث رئيس الوزراء على رفض نتائجها، وهو مطلب لم يلق استجابة. واجتمع الحريري مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في واشنطن وقت إعلان الاستقالة. وانخفض مؤشر بورصة بيروت أكثر من 3 في المائة بسبب الأزمة السياسية حيث انخفض سعر سهم "سوليدير" التي قادت إعمار بيروت بعد الحرب الأهلية بنسبة 7.8 في المائة.