دخلت المفاوضات الجارية بين اليونان ودول الاتحاد الأوروبي، في أثينا لإخراج اليونان من أزمتها المالية الخانقة مراحلها الأخيرة أمس، عشية التظاهرات التقليدية بمناسبة عيد العمال والتي يتوقع أن يسودها التوتر بسبب إجراءات التقشف المطلوبة من أثينا. وقال مصدر حكومي يوناني إن المفاوضات لا تزال جارية ولكننا قريبون جدا من التوصل إلى اتفاق، مضيفا أن هذا الاتفاق ستعلن عنه الحكومة اليونانية غدا. من جهته، أكد الناطق باسم المفوضية للشؤون الاقتصادية أمادو التافاج، أن المفاوضات مستمرة وعلى وشك النهاية. وكان متحدث باسم رئيس مجموعة اليورو (يوروجروب) قال إن جان كلود يونكر لا يستبعد أن يعقد وزراء مالية المجموعة خلال اليومين المقبلين اجتماعا عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة حول تفعيل خطة المساعدة المالية لليونان، إذا تم التوصل قبل ذلك إلى اتفاق بين الحكومة اليونانية وصندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والمصرف المركزي الأوروبي حول الشروط التي ستفرض على أثينا مقابل حصولها على برنامج قروض ضخمة. وحول هذه الشروط، ألمح رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو أمس إلى أن حكومته لن تتوانى عن الرضوخ للشروط التقشفية الصارمة التي يطالبها بها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد مقابل حصولها على المساعدة المالية المطلوبة. وقال باباندريو أمام البرلمان إن الإجراءات الاقتصادية التي يجب علينا اتخاذها هي إجراءات ضرورية من أجل حماية بلدنا، من أجل بقائنا، من أجل مستقبلنا، كي نتمكن من البقاء واقفين على أرجلنا، وأضاف أن خطنا الأحمر هو بقاء البلد وهذا ما يسود على كل ما عداه في المفاوضات الجارية بين الحكومة وأطراف خطة المساعدة. ومقابل مدهم يد المساعدة إلى اليونان، يطالب ممثلو الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي الذين يتفاوضون مع أثينا حاليا على تفاصيل خطة المساعدة، الحكومة اليونانية بأخذ إجراءات تقشف صارمة غير مسبوقة في تاريخ البلاد. وهذه الجهود غير المسبوقة في منطقة اليورو تهدف إلى إرغام الحكومة اليونانية على أخذ إجراءات كفيلة بخفض العجز العام من مستوياته الحالية الهائلة، التي بلغت في 2009 نحو 14 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، إلى نحو 4 في المائة في نهاية 2011، بينما تعهدت أثينا حتى الساعة بخفض العجز إلى 5.6 في المائة في نهاية العام المقبل. وأكد جوزيه باروزو رئيس المفوضية الأوروبية أمس في بكين إن اليونان ستأخذ كل الإجراءات اللازمة من أجل تصحيح الاختلالات في نظامها الضريبي وميزانيتها، مشيرا إلى أن حالة اليونان كانت بمثابة تذكير قوي لنا بأننا جميعا مترابطون في المصير. أسهم التقدم الذي تم إحرازه نحو التوصل إلى اتفاق لإنقاذ اليونان، بعد أسابيع طويلة من التجاذبات الحادة داخل منطقة اليورو بسبب تردد برلين في الموافقة على مد يد العون لأثينا. وأدى ذلك إلى تدهور الأسواق الأوروبية والعملة الموحدة، في حقن الأسواق بجرعة أمل الخميس ترجمت بارتفاعات حادة، وهو منحى كان لا يزال مستمرا حتى صباح أمس. وذكرت مصادر أن وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله يريد إجراء مشاورات مع مسؤولي المصارف الألمانية لتشجيعهم على الاستثمار في الديون اليونانية، وأن شويبله يريد انتزاع التزام طوعي بشراء سندات خزانة يونانية في إجراء يؤمن استقرار السوق التي شهدت تقلبات كبيرة بسبب الديون اليونانية. وكانت اليونان قد طلبت قبل أسبوع تفعيل خطة المساعدة غير المسبوقة في تاريخ منطقة اليورو، لإنقاذها من الديون الهائلة التي يستحق قسم منها في غضون أيام من دون أن تكون لدى أثينا القدرة على سداده. وأدت المخاوف من إمكان انتشار عدوى الأزمة اليونانية إلى دول أخرى في منطقة اليورو تعاني اقتصاداتها من اختلالات ومديونية مرتفعة، كالبرتغال وإسبانيا، إلى إشاعة الذعر في الأسواق مطلع الأسبوع، الأمر الذي دفع الأوروبيين على ما يبدو إلى التفاهم على ضرورة تفعيل خطة مساعدة اليونان. وقال باروزو أنا واثق بأن أعمالنا ستحول دون مزيد من تداعيات محتملة للعدوى. وحتى الساعة تقوم خطة المساعدة التي يتم التفاوض عليها ومدتها ثلاث سنوات على أن تحصل اليونان على قروض بقيمة 45 مليار يورو خلال السنة الأولى (30 مليارا على شكل قروض ثنائية من دول منطقة اليورو و15 مليارا من صندوق النقد الدولي). ولكن البرلمانيين الألمان قالوا إن حاجات اليونان تصل إلى 120 مليار يورو عل خلال السنوات الثلاث، إلا أن الإجراءات التقشفية الصارمة المطلوبة من الحكومة اليونانية تثير هلع شرائح واسعة في المجتمع وفي مقدمها نقابات العمال التي تعهدت بالتصدي لأي محاولة للاقتطاع من الرواتب الحكومية. وهي تعد العدة للتظاهر ككل عام بمناسبة عيد العمال في الأول من أيار(مايو) ومن بعده وخصوصا للإضراب العام الذي دعت إليه في الخامس من أيار(مايو). وقال سبيروس باباسبيرو رئيس فدرالية القطاع العام علينا أن نواجه إجراءات لا سابق لها منذ نهاية الحرب لا تتعلق فقط بالأجور وإنما أيضا بكل الحقوق الاجتماعية وبالعمل. وأضاف أن الأول من أيار (مايو) سيكون الرد ولكن الرد الحقيقي سيكون في الخامس من أيار (مايو). وتقليديا لا تشارك جماهير غفيرة في تظاهرات عيد العمال في اليونان ولكن هذا العام يأتي موعد هذه التظاهرات بعد إضرابين عامين وسلسلة تظاهرات احتجاجا على الإجراءات التقشفية الصارمة التي اتخذتها الحكومة في كانون الثاني (يناير) للحد من العجز العام الاقتصادية